ناسّ تحت الترابِ تزورونا في الأحلام وناسٌ فوق الترُاب لا تردُ علينا حتى السلام ..

لهذا سُميت ( دُنيا ) لغرابةِ أمرها وسرعةِ زوالِ ما عليها، لغصةِ ما نشعُر بهِ وحدنا ولا يحملهُ حتى بعضُنا ..

ورُغمَ ما يُسيطرُ على أفئدتِنا عند غيابِ أحدهم !

فمن وصلِه بنا أو وَصلُنا به يتفقدُ أحوالُنَا ويُبشرونا بإبتسامتهِ حتى في أحلَامِنا و من فاجعةِ هذهِ الدُنيا أيضًا أنّ يوجدَ أخّ لا يعلمُ قدمُ أخيهِ في أيَةِ أرضٍ تجول ، و لا من أيّ حالٌ من أحوالهِ يعلم !

و من أسرارِ هذه الدُنيا أنّ الأم التي ثقُلت موازينُها في كتابِ الله وأحاديثِ رسوله ، تُهجر وفي دارِ المُسنين مقرُها !

و من عجائِبها أنّ الأب يتضورُ جوعاً ومن جوعهِ لا تعلم هل هو شوقٌ لأولادهِ أم لطعامٍ يسدُ حاجتهُ من الناس !

و من أُختٍ تتمنى أنّ تحتضنّ رائحة أبيها في أولادِ أخيها الذي جار عليها الزمانُ بفُراقٍ لا بعده للقاء !

و من الناسِ لا يرى قلباً ولا يرى طُهراً ، يرى مظاهراً تكادُ تملؤ قلبهُ حسداً وحقداً ..

و منهم من يُدلي عليكَ بحلوِ لسانهِ و خلفَ ظهرِكَ سكينٌ تَدمي !

و منهم من يتمنى زوال نِعَمِك ، حتى عافيَتك التي لا تملُكَ سواها !

و ناسٌ تتلونُ بِوجوهٍ كثيرة كي تكسُبَ مصلحةً دون مُقابل لمُجرد خداعك !

و ناسٍ تُرافِقك كي تسرقَ كُل أحلامك !

و ناسٍ حتى السلام لا تُلقيهِ عليكَ بسببِ نزاعٍِ مات أجلُه !

و من شدةِ عَظم أهوالِ هذه الدُنيا و رُغمَ قسوتِها إلا أنّها فانية ..

" لا تحسُد فتُحسد ولا تبتَلي فتُبتلى ، كُن في حالكَ ألطفُ لكَ وشكراً "

-غادة آل سليمان