أقرأ رسائل حمزة شحاتة إلى ابنته شيرين وأكابد الغصّات، أتذكر أنّي قرأت الكتاب قبل أكثر من عشر سنوات بعد أن استعرته من مكتبة جمعية أم القرى الخيرية حيث كنت أدرس الخياطة والتفصيل مساءً بعد دوامي الصباحي في الجامعة. يرتبط هذا الكتاب بوجه أمينة المكتبة المألوف، ما زلت أتذكر ملامحها ولون شعرها وهيئتها العامة وطول قامتها لكنّي نسيت اسمها، يرتبط الكتاب بملمس الأقمشة الأوراجنز والدانتيل والبطانة الحريرية وقسوة الساتان ونعومة ملمسه وكل الأقمشة التي كنت أراكمها كما أراكم عملي دائمًا، فكل الأشياء التي أحبها ثم أدرسها أكرهها، أكره انتقالها من دائرة الهوايات إلى مربع الواجبات... رسائل حمزة شحاتة إلى شيرين تذكرني بالأيام الأولى للمسنجر، بوقت الاستراحة الذي أقضيه في المكتبة الملحقة بالجمعية، أستعير الكتب وأتصفح الإنترنت بنظام الدقائق المدفوعة. وقد كانت أمينة المكتبة تشرح لبعض الزائرات كيفية التواصل مع أقربائهم البعيدين عبر المسنجر.
كم اسم مستخدم امتلكت من يومها إلى اليوم؟
كم رسالة وصلتني؟
كم عدد الكلمات التي اهتدت إليّ بلا ساعي بريد ولا طابع ولا عنوان شارع ولا رقم بناية؟
كثير كثير.
كم بقي من كل هذا؟
لا شيء.
ولذا أقرأ رسائل حمزة شحاتة إلى ابنته شيرين وأكابد الغصّات، أشعر أننا جيل منتجته التقنية بحيث يكون جيل بلا ذاكرة، حولنا وبأيدينا ألف طريقة للحفظ والاسترجاع والنسخ الاحتياطي، لكن هذه الخيارات العديدة لا تخدم الذاكرة، لا تخدم ذاكرتنا، إنها تعلمها التواكل ثم تغدر بها وتشتتها، ذاكرة تسجّل كل شيء أولًا بأول، مع خاصية التدمير الذاتي، التحديث، المحو، إعادة التهيئة... الخ
إلى المحو والنسيان
تدوينات اخرى للكاتب
جزيرة النساء
"جزيرة النساء: وهي جزيرة عظيمة وليس بها رجل أصلاً. ذكروا أنهن يلقحن ويحملن من الريح ويلدن نساء مثلهن. وقيل إن بأرض تلك الجزيرة نوعاً من الشج...
صُبح
قصة سعيدة جدًا
استيقظت البنت السعيدة في الصباح دون منبه، ارتدت ثيابها دون كي، ولبست حذاءها دون توجع، خرجت دون أن تُغلق الباب خلفها، ابتسم الباب للبنت السعي...
صُبح
فراشات خلف القضبان
في سنوات دراستي الجامعية، كانت الجامعة تُقيم بشكل سنوي محاضرات وعظية ترهيبية للتحذير من العلاقات المُحرّمة، ومن مآل الفتيات الخاطئات، ومن ال...
صُبح
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين