استيقظت البنت السعيدة في الصباح دون منبه، ارتدت ثيابها دون كي، ولبست حذاءها دون توجع، خرجت دون أن تُغلق الباب خلفها، ابتسم الباب للبنت السعيدة وللأفق الممتد أمامه، سارت البنت السعيدة في طريق ممهد وسط سيارات منزوعة العوادم والأبواق، كانت إشارات المرور الخضراء تنتظر اقتراب الناس لترحب بهم وتضيء لهم الطريق، لم يحدث أي اصطدام بسبب الإشارات التي لا تعرف إلا الاخضرار إذ كان الطريق متخففًا من المسارات الجانبية... اشترت البنت السعيدة فطورًا كامل الدسم وغنيًا بالكربوهيدرات، أكلت ولم تشعر بالتخمة ولم يطاردها شبح الميزان... وقفت البنت السعيدة في ناصية الشارع تتأمل الناس الذين يسيرون بتؤدة (مرّ السحابة لا ريثٌ ولا عجلُ) وبادلتهم الابتسامات... حضر حبيبها قبل بدء وقت الانتظار، تعانقا بلا خوف، وشبكا أيديهما معًا فاحتضرت أغنية تقول: (اللي شبكنا يخلّصنا). لم تسأل البنت السعيدة حبيبها عن أحواله، السعادة الغامرة في وجهه أجابت على السؤال قبل أن يطرح نفسه، لم ينجح أي سؤال في طرح نفسه بينهما أبدًا فقد كانت الأجوبة تضمهم إلى دفء حضنها...
ذهبت البنت السعيدة إلى باقي يومها، ذهب حبيب البنت السعيدة إلى باقي يومه، لم يتوادعا، لقد مات الوداع منذ زمن بعيد ولم تتسنَ لهما معرفته.
في مساء اليوم السعيد، كانت البنت السعيدة تخطط ليومها الآتي، كانت الخطة هي ذاتها خطة اليوم وخطة الأمس... امتدت يد البنت السعيدة إلى شجرة الافتراضات المحرّمة، كان الموت قد مات منذ زمن طويل وصار أحفورة يتفرج عليها الناس دون خشية. ولذا لم تخشَ البنت من أن تقتلها الشجرة المحرّمة، لقد أرادت أن تُجرب الافتراضات فحسب ثمّ تمجّها سريعًا... لكنها حين ذاقت الشجرة تكشفت لها سوءة السأم، وضحكت الشجرة، وضحكت رؤوس الشياطين في طلع الشجرة... وهبطت البنت السعيدة من جنتها إلى قاع الحُزن.