لان الكلب أرفع شأناً منك , والحجر أغلى مقارنة بثمنك الحقيقي ؛ لن ألقمك حجرا ؛ وسوف اتركك تنبح الى ان يبح صوتك , و يجف حبر يراعك الاصفر وينكسر قلمك الاسود ؛ وانا واياك كما قال الشاعر : 

لو كلُّ كلبٍ عوى ألقمتُه حجرًا *** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ

كثيرة هي الكلاب التي تحيط بنا , او التي نصادفها في طريقنا , واكثر هي (المجلوبة منها ) ولو أردنا  أن نردّ على كل عواء لما بقي من الحجارة (التي نطرد بها الكلاب) إلا القليل الأقلّ، وبهذا يرتفع سعر الصخر أو الحجر- حسب قانون العرْض والطلب ... ؛ وشاعرنا هذا يقارب شاعرًا آخر في المعنى إذ  قال :

لقد جلّ قدر الكلب إن كان كلما *** عوى وأطال النبح ألقمته الحجر

وطالما علقت في ذاكراتنا  منذ كنا اطفالا , صور الكلاب وهي تلاحق بأقصى سرعة كل شيء متحرك  القطارات والسيارات والدرجات النارية والهوائية ... الخ ؛ وكانت كل هذه الاشياء تسير ولا يهمها نباح الكلاب بل لا يثير اهتمامها . 

فما ان نكتب مقالا  او تعليقا , او ننشر خبرا  , قد يغيض بعض البعثيين والطائفيين والارهابيين والفاسدين  والدجالين و المؤدلجين والمرتزقة والمأجورين والمنكوسين ؛ حتى تنهال علينا اللعنات والشتائم والتهديدات ؛ فضلا عن الغمز واللمز ( البسامير)  والافتراء  والردود الباهتة والبعيدة كل البعد عن الموضوعية والحيادية  ؛ علما ان البعض منهم لم نره ولم نتحدث اليه قط ؛ وهكذا هم يقيمون الناس رجما بالغيب , ويخبطون خبط عشواء , ارضاء لأسيادهم واولياء نعمتهم . 

ثمة مثل سوداني يقول: "الداير تهريه اسكت وخليه" ومعنى المثل  : الذي تريد إغاظته من الخصوم اتركه ينبح ولا  تكلف نفسك عناء الرد عليه او رميه بحجارة ، لأن الكلاب خلقت لتنبح ، والاحرار خلقوا للعلم والعمل  ؛ فكلما رميت الكلب فرح ظنا منه انك رميته بالعظم ؛ فلا تفرح الكلاب بالرد  . 

...........................................

  • للعلم انا من دعاة حقوق الحيوان ولكن من باب مخاطبة الاخرين بما درجوا عليه او من باب الزموهم بما الزموا به انفسهم او من باب ( حشرا مع الناس عيد )  بالمختصر المفيد ذكر الكلب هنا للتوضيح والمثال وليس انتقاصا من الحيوانات  , اذ ان للكلب ميزة خاصة تميزه عن باقي الحيوانات , الا وهي وفاءه الذي اصبح مضربا للأمثال ؛ وصدق الشاعر عندما قال :  شبهتهم بالكلب فقال ظلمتني ... ؛ فالبعض لا يرقى الى منزلة الكلب ؛ وهذا ما اشار اليه كتاب القران الكريم في بعض الآيات (هم كالأنعام بل اضل سبيلا  ) .