قضيت سنين طويلة تؤسسين لمشروعك المجتمعي و تبثين الحماس في المتطوعين و تقدمين برنامجك بافضل ما تستطيعين بعد ان تقضي الايام و الشهور في تحديد البرامج و انتقاء الاشخاص و ترتيب جداولهم و سفرهم و كل ما يتعلق بضيافتهم و ترتيب امور الدعاية و التسويق و ترتيب استضافة المجتمع و استقباله و التمكين للتثقيف و التوعية بصورة مستمرة.
تسهرين مع افكارك و سجل الملاحظات و تفكرين بالأساليب الجديدة الملائمة و ما سيستقطب المجتمع.
تقدمين ارقى ما تجدين من عصارة فكرك و تختارين افضل ما يمكنك لتقديمه و تبحثين عن الممولين و تقديمن تجربة لا ينساها الناس ج. يعيشون فيها اوقاتا سحرية تدشن للوعي و الثقافة و جمال الحياة.
تحاولين ان تبقي تحت الرادار و تقدمين فروض المجاملات و الولاء في كل مناسبة ممكنة.
تقفين لتحصلي على كافة المطلوب من التواقيع و التصاريح و يقف المتعجرفون و الهزيلون فكريا و معنويا من الرجال و النساء في وجهك و يغارون من اصرارك و حسن تدبيرك.
لم تعملي يوما الا لهذه الفكرة. خدمة المجتمع و خدمة المواطن بافضل ما يمكن بكل تجرد. بالنسبة لهم هذا امر يثير الريبة و حب الناس لك يثير قلقهم و غيرتهم. لا يعرفون سبب تحملك لألاعيبهم المستمرة و لا يفهمون كل تلك الصلابة التي تتمتعين بها.
ثم يحاولون استبدالك بالجديد اللماع حيث لا روح و لا جمال و لا أصالة و لا صدق. نفاق سلطوي و اجتماعي و اموال تضخ بلا طائل و مدعين متلونين يأتون ليضيفوا في رصيد مظاهرهم بجانب الحقيبة و الكعب العالي و العطر الغالي و السلوك المتعالي كلمتين ركيكتين يعبرون فيها عن تشجيعهم للمجتمع و التوعية و الثقافة و يلتقطون الصور مع كل الضيوف المهمين.
ثم يأتي رجل هزيل الفكر ليسلمك ورقة تقول ان برنامجك لن يسمح له بالعمل تحت ظل المؤسسة. و تصل الاخبار لكل المهمين فيتنفسون الصعداء و لكنهم يأتون ليقولوا شكرا لم لقدوفيت و كفيت و يستعرضون مزيدا من فهمم لدورك لفظيا. و يختفون.
و تقفين انت هناك تتسائلين "اين اخطأت؟!"
عزيزتي لم تخطئي انت اخلصت و هذه من عجائب الزمان. تذكري ان المطلوب هو النفاق الكثير و الاستغلال الظاهر و الخفي و تهميش الصادقين.
اعرف انك لن تتنحي. لعلك بحاجة للراحة قليلا. النفس التواقة لا تتوقف.