مما لاشك فيه , ان الحكومة هي التي تمسك بزمام الامور وتسير شؤون الوطن والمواطن , في كل اصقاع المعمورة , والحكومات هي المسؤولة في نهاية المطاف عن الشؤون الوطنية الداخلية والقضايا الخارجية ؛ فالحكومات الديمقراطية والدكتاتورية ، في البلدان الفقيرة والغنية  على حد سواء، هي التي تتحمل مسؤولية القرارات والخطط الاستراتيجية وكيفية تنفيذها ... ؛ وقد جاء في التراث الاسلامي ما يؤكد على اهمية وجود الحكومة في حياة الناس و ضرورة الالتزام بقرارتها او عدم الاصطدام معها ؛ اذ قال الامام علي : ((  لا بدَّ للناس مِن إمارة بَرةً كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرَّة قد عرفناها، فما بالُ الفاجرة ؟! قال : يُؤمَّن بها السبيل، ويُقام به الحدود، ويُجاهد به العدو، ويُقسم بها الفَيء   )) .

كلامنا هذا يشمل كل الانظمة والحكومات بكافة اشكالها ؛ فما بالك بالحكومة التي تأتي عن طريق صناديق الاقتراع وتصويت الشعب ؟ .

ويرتكز النظام الديمقراطي الذي صوت عليه الشعب العراقي بعد عقود طويلة من الحكم الدكتاتوري الرهيب ؛ على العملية الانتخابية , وهي بدورها تكشف عن ارادة الجماهير , ومن هنا جاءت اهمية المشاركة الانتخابية , والتي تكمن في قوة اصوات الناخبين والتي قد تقلب الموازين السياسية من خلال صناديق الاقتراع كما هو الحال في الدول الديمقراطية والمتحضرة , فالتغيير السياسي يحصل بسبب الحراك الجماهيري والمشاركة الشعبية في الانتخابات ؛ لا من خلال  تنوّع الأطروحات  السامة والزعامات المتمردة ,  وتكرّار  المحاولات العنفية والاجرامية والارهابية والتي تهدف لهتك سيادة الحكومة وتعريض امن الدولة للخطر وارباك الاوضاع العامة ونشر الفوضى والجريمة في المجتمع بأعذار شتى غير مقبولة , فالبعض يريد ان يسير الامة وفقا لمزاجه , ويدفع بالأغلبية نحو الهاوية  ؛  طبقا لحسابات خاطئة وخطط ارتجالية، وأداء هزيل لنخب نرجسية وانتهازية تستبيح كل شيء ؛  في صراع وجودي لاحتكار السلطة والنفوذ والمال  بلا ضوابط ولا محرّمات ولا احترام لمخرجات العملية الانتخابية والتحالفات السياسية , ومن الواضح ان هؤلاء لا علاقة لهم بمجريات العملية السياسية والنتائج الديمقراطية وارادة الجماهير واغلبية الامة ؛ فهم يرتهنون للخارج ويريدون جر البلاد للخضوع لإملاءات الدول والمخابرات الخارجية وتحت حجج مختلفة وشعارات مستهلكة , والنتيجة الواقعية التي تتمخض عن تلك التحركات والارهاصات  والاضطرابات ؛ هيمنة تلك المجاميع او الشخصيات على الواقع العراقي , واقصاء الاخرين واسكات الاغلبية بقوة السلاح والنفوذ والدعم الخارجي ، مما يفتح الثغرات الامنية  ويستدعي الأطماع والمؤامرات الاستعمارية والاستكبارية والدولية ، و عندها تُدار البلاد بالترقيع والمسكنّات والشعارات و  وتتدحرج نحو الاستبداد والتبعية والفساد والعنف والصراعات , كي يحل امراء الحروب  العملاء , وزعماء المجاميع محل الحكومة الديمقراطية والمنتخبة من قبل الشعب  .

وهذا الامر قد حذر منه رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ؛ في حديث له ؛ خلال زيارته مقر قيادة الشرطة الاتحادية , بمناسبة ذكرى يوم النصر العظيم , ومما جاء في كلمته : (( ... علينا ان نعتز بهذا النصر ونسعى الى عدم تشويه هذا النصر او محاولة استغلاله , علينا  ان نحافظ على الدولة ومؤسساتها وعلى الدستور والقانون والممتلكات العامة والخاصة ... , وبصراحة نحن في محطة مهمة من تاريخ العراق لان التحديات مستمرة , ولا تخلو هذه المحطة من الخطورة ... , لكن نجد ان هنالك افراد ومجاميع وجهات تحاول ان تنصب نفسها وصيا على العراق , وان تصادر قرار الدولة ومؤسسات الدولة الدستورية والقانونية , وتكون بهذه الصيغة بديل عن الشعب , بديل عن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , وهي من تعطي لنفسها هذا القرار في الحرب والسلم , وايضا نشاهد انها تخون هذا الطرف وتستنقص منه وتعطي الوطنية والشرف لهذا الطرف الاخر ... وبالتالي سنقف امام هذا التحدي , المتمثل بوجود افراد او مجاميع  او جهات تريد ان تتقمص وتريد ان تأخذ دور الدولة , بل تريد ان تصادر هذا الدور الوطني والقانوني والشرعي والدستوري ...؛ والمحافظة على الدولة جزء من المحافظة على هذا النصر ... )) 

فالبعض يحاول جر البلاد للفوضى من خلال تعطيل الانتخابات بالقوة والاكراه , والبعض الاخر يسعى لإحداث معارك عسكرية غير متكافئة مع جهات دولية من دون الرجوع للحكومة والاغلبية والامة العراقية , والبعض الثالث شعاره : خالف حتى تعرف فهو ضد كل حكومة عراقية منتخبة وبغض النظر عن برنامجها الحكومي او انجازاتها كالانفصاليين الاكراد والطائفيين والمنكوسين من بقايا البعث والصداميين , والذين يعملون على الاصطياد في الماء العكر , واستغلال الازمات لصالح اجنداتهم المشبوهة , بالإضافة الى سعي بعض الشخصيات الهجينة من المحسوبين على الاغلبية العراقية لإسقاط حكومة السوداني واحراجها لا لشيء سوى كونه عراقيا نبيلا وجنوبيا اصيلا ؛ فهؤلاء المرضى من ذوي الاصول الاجنبية والجذور غير العراقية والجنوبية , يكنون العداء والضغينة لكل ما هو عراقي اصيل , فوجود الساسة الاصلاء يسبب الحرج والقلق للفاشلين والفاسدين والعملاء والدخلاء والغرباء .