بذلت الاغلبية الاصيلة وبمعية احرار الامة العراقية ؛ الغالي والنفيس , وتكبدت الخسائر الباهظة والتضحيات الجسيمة , من اجل التخلص من الدكتاتورية والطغمة البعثية الصدامية ؛ ولولا دماء الشهداء وضحايا السجون الطائفية والمعتقلات البعثية وغرف التعذيب الصدامية والمقابر الجماعية ؛ لما استجابت القوى الكبرى لاستغاثات المظلومين والمعذبين والسجناء والمعتقلين والمهاجرين واللاجئين والمعارضين والمجاهدين من ابناء الاغلبية والامة العراقية ؛ ولما اقدمت على اسقاط العميل المدلل ؛ ودار الزمان دورته , وأهلك الله مجرمي الفئة الهجينة , وزلزل الارض بجلادي الطغمة البعثية والزمرة الصدامية , وضاقت عليهم البلاد بما رحبت ؛ وجاء من جاء , وابتدأ مشوار العملية السياسية , وانبثقت انوار التجربة الديمقراطية , و رأينا وجوه لأول مرة نراها , وشاهدنا اشخاص لم نعرفهم من قبل , وفيهم الغث والسمين والطالح والصالح والكريم واللئيم والشجاع والجبان والوطني والعميل ... الخ ؛ وتزامنت مع هذه التجربة السياسية الجديدة ؛ الهجمات الارهابية والاغتيالات السياسية والافعال الاجرامية والاضطرابات الامنية ... الخ ؛ واسفرت هذه المعمعة عن استشهاد افراد وقتل اخرين , واختفاء اشخاص من المشهد السياسي العام وانزواء ساسة , وظهور اشخاص وتبوء البعض للمناصب الحكومية ومراكز القرار ؛ فتقدم الجبان والحرامي والفاشل واللئيم والمجهول ؛ وتأخر الشجاع والنزيه والناجح والكريم ومعروف الحسب والنسب ... ؛ وجار الزمان وجار ؛ حتى ادعت الامعات تمثيل الاغلبية الاصيلة والامة العراقية العظيمة ؛ واستنسر البغاث علينا، وتذأبت الأرانب وتعملقت الجرذان، وأصبح الحال غير الحال ؛ فخنعت أسودنا ، وانسحبت شخصياتنا وانطفأت نار تطلعاتنا ومشاريعنا الحضارية والتقدمية والتنويرية والتنموية , ونكست راياتنا العلوية وبيارغنا العراقية ، وأغمدت سيوفنا ، وسكتت رجالنا ، وأقفرت العملية السياسية إلا من جبان أو منافق او فاسد او فاشل ، أو مضيع متصدر أو أعمى أو غبي أو جاهل متحكم ، باستثناء الشرفاء والغيارى من ساسة وقادة ومسؤولي الاغلبية والامة العراقية طبعا .
بينما أنا أتابع واشاهد , لقاءات المرشحين من على شاشات الفضائيات , واستمع لما يقولون , واقرء ما يكتبون , وارصد تحركاتهم ومواقفهم , واحلل اقوالهم وتصريحاتهم ؛ لفت انتباهي , تصرفات البعض من المحسوبين على الاغلبية الاصيلة , واقارن بين تصريحاتهم ومواقفهم بالأمس وبين اليوم , واستغرب من هذا التناقض بالأفعال والتهافت بالأقوال ؛ فكل يوم هم في شأن مختلف , ليس هذا وحسب، بل إننا نشهد أن بعض المرشحين غالبا ما يتنافسون لإرضاء أعدائهم وخصومهم، طمعا في اموالهم ودعمهم السياسي او خوفا من ارهابهم وعلاقاتهم الخارجية ونفوذهم الاقليمي ... ؛ ولعل البعض يحاول تبرير مواقفهم المخزية وتلميع شخصياتهم الواهنة , ويدعي ان هذه المواقف من ضرورات السياسية والسياسة فن الممكن كما هو معروف ؛ الا ان الامر خلاف ما يدعون , وهذا التبرير كلمة حق يراد منها الباطل , نعم للسياسة ضغوطها واحوالها ومقتضياتها التي قد لا تتوافق مع اراء وعقائد ومطالب الشعب والامة ؛ الا ان السياسة ايضا تعني عدم الثقة بالأعداء و وجوب الحذر منهم والعمل الجاد على هزيمتهم وابعاد شرهم عن البلاد والعباد , واضعافهم بشتى الطرق والوسائل لان العدو يبقى عدوا ؛ لا كما يفعل غمان وثولان الاغلبية المنبطحين من الذين يعاملون الاعداء معاملة حسنة ويقدمون لهم كافة الامتيازات ؛ بينما يفعلون العكس مع ابناء جلدتهم ...!
مدن الاغلبية اليوم تعاني من مختلف الازمات بدءا من البنى التحتية المتهالكة وصولا الى الواقع الصحي والصناعي والزراعي المتردي ؛ وابناء الاغلبية يشكون البطالة والجهل والعوز والفاقة والضياع , بينما تنهب ثروات الجنوب وخيرات مناطق الاغلبية من الاستعمار والقوى الخارجية وضعاف النفوس من العملاء والفاسدين ؛ بل وتقدم تلك الثروات الى الغير كي يشيدوا بها مناطقهم وبلدانهم ويطوروا احوالهم نحو الافضل ويأمنوا حدودهم , ويسعدوا شبابهم , ويشغلوا رجالهم ويبنوا بها مدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم ومصانعهم ... الخ .
الى متى تبقى مدن الاغلبية مستباحة من قبل قوى الخط المنكوس والفساد , وتفعل بها خفافيش الظلام ما تشاء ؛ ويزرع فيها الاشرار بذور الشقاق والفتنة والقلاقل والاضطرابات ؛ فلا يمر يوم الا ونسمع بحدوث جرائم او اضطرابات او حوادث او نزاعات او وقوع مصادمات في هذه المدنية او تلك ...؟!