لم يكتف العملاء المنكوسون والسفلة الفاسدون و الجهلة الفاشلون ؛ بالتسبب بانتشار ظاهرة المخدرات الخطيرة والمدمرة في العراق ولاسيما في مدن الاغلبية العراقية المغبونة ؛ بل انه مصرون على حماية حيتان الفساد وتجار المخدرات وسماسرة الدعارة , وتدوير نفاياتهم وسمومهم  في المجتمع ؛ وقد سألت احدهم عن سبب انتشار المخدرات في العراق بعد سقوط الصنم الطائفي الهجين 2003 ؛ فقال لي : انها تجارة خطرة ومحمية دوليا  واقليما ومحليا ... ؛ فقلت له : وما هي مسؤوليتكم تجاه هذه الظاهرة الرهيبة القاتلة ؛ فقال لي : ان وظيفتنا لا تكمن بالسيطرة على الحدود ومنع دخول المخدرات الى الداخل ؛ او اعتقال الرؤوس الكبيرة والشخصيات المتنفذة ؛ بل في القاء القبض على صغار التجار والمتعاطين ؛ وهؤلاء كما هو معلوم و واضح ضحايا مجتمع ؛ ونتاج ضعف  اجراءات وخطط الاجهزة الحكومية والسياسات المحلية ؛ بل لا نجانب الحقيقة ان قلنا : انهم ضحايا بعض المسؤولين الفاسدين والساسة المجرمين ؛ والشيء بالشيء يذكر ؛ فقد قال لي احدهم : هل تعرف فلان المعمم ؟ ؛ فقلت له : اعرفه منذ كان صغيرا لم يبلغ  ال 18 من عمره ؛ اذ جاء الى احدى المدارس الدينية في احد مساجد بغداد , لدراسة المعارف الاسلامية , وكان مستواه العلمي والثقافي والفكري دون المتوسط ؛ وسرعان ما ترك الدراسة , وبعد فترة رأيته يرتدي العمامة ... ؛ ويصول ويجول في بغداد و دوائر ومؤسسات الدولة , ويلتقي بمختلف المسؤولين والشخصيات , وتناهى الى سمعي انه قام ببناء جامع , واشترى سيارة ( جكسارة ) بعد ان كان فقيرا معدما ... ؛ فقال لي : هذا هو بيت القصيد ومربط الفرس كما يقولون ؛ فقلت له : لم افهم ماذا تقصد ؟ , فقال لي : هو من تجار المخدرات ويتستر بالعمامة , فقلت له : وما انتم فاعلون باعتبارك احد عناصر الجهاز الامني ( الفلاني ) ؟ 

فقال لي : لا نستطيع حاليا القاء القبض عليه ؛ لأنه يمتلك شبكة من العلاقات المهمة برجال الحكومة و بعض قادة الاحزاب ... ؛ واعتقد اننا سنقوم باغتياله ؛ لأننا اذا قبضنا عليه ؛ تحدث ضجة باعتباره معمم , وصاحب علاقات ومحسوبيات ... ؛ ومضت الايام والاشهر والسنوات ؛ والشخص المقصود لم يمسسه أحد بسوء ... !! .

والى متى تبقى الحكومات العراقية المنتخبة ؛  مشلولة وفاسدة ومخترقة , واجهزتها الامنية عاجزة  , امام ظاهرة المخدرات وتهريبها وتصنيعها وتعاطيها والاتجار بها ؛ ناهيك عن عشرات الظواهر المدمرة والمشاكل العويصة والسلبيات الخطيرة الاخرى  ...؟! .

وليت بعض رجال الدولة وعناصر الاحزاب وساسة البلد ؛ اكتفوا بهذه البلايا والمصائب ؛ بل زادوا في الطنبور نغمة , والطين بلة , اذ انخرط بعض ابناء المسؤولين والمحافظين في تجارة المخدرات ؛ وعندما تم القاء القبض على احدهم ؛ خرج من السجن بصفقة سياسية مشبوهة , ومرسوم جمهوري ؛  وعلى مرأى ومسمع ملايين العراقيين ...!!

 وتمادى هؤلاء المنكوسون والفاسدون والمتحزبون بغيهم وفسادهم وانحرافهم وظلمهم واجرامهم ؛ حتى وصل الامر الى تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين بالسحت الحرام من اموال تجارة المخدرات والدعارة ؛ اذ لم يكتف هؤلاء بتسخير  (الكومشنات) على المال العام من تمويل العقود الحكومية واستغلال مقدرات الدولة , واستغلال المناصب الحكومية , و استغلال اموال المحافظات والمؤسسات والدوائر الحكومية  من خلال المسؤولين التابعين للأحزاب والجماعات ، و الاستحواذ على أموال المشاريع والتغطية على ذلك بتقديم خدمات عاجلة ترقيعية للسكان , وسرقة الاموال المخصصة للخدمات والاعمار ... الخ ؛ خدمة لحملاتهم الانتخابية ودعاياتهم السياسية ؛ من اجل كسب أصوات  الجماهير البسطاء والتأثير على قناعات المواطنين . 

فقد كشف وزير الكهرباء العراقي الأسبق، لؤي الخطيب، عن مصادر أموال بعض الحملات الانتخابية، مبيناً أن تهريب المخدرات وتجارة البغاء وبيوت الدعارة من أبرزها، داعيا الجهات المعنية بالتحقق من مصادر تمويل الأحزاب والمرشحين لانتخابات مجالس المحافظات ... ؛ وأردف قائلا : أنه بعد مضي عقدين على مخاض العملية السياسية التي ولدت في عام 2003، فقد دخلت عناصر أخرى من مصادر التمويل، إنها تجارة تهريب المخدرات التي يتجاوز حجم سوقها في العراق المليار دولار سنوياً حسب تقارير (بلومبيرغ)، وإتاوات حَمَلَة السلاح المنفلت على واردات النوادي الليلية وصالات القمار وتجارة البغاء وبيوت الدعارة . 

والمضحك في الامر ان الوزير لؤي الخطيب نفسه متهم بقضايا فساد سابقة ؛ وهذا الامر يذكرني بالمثل الشعبي القائل : (( ابليس يعلم ولده الصلاة )) ؛ ف الخطيب نفسه عليه ملفات فساد في هيئة النزاهة، ففي العام  ٢٠٢٢، أعلنت هيئة النزاهة العراقية الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ على وزير الكهرباء السابق بسبب مخالفات في عقد قيمته 800 مليون دولار تشوبه مخالفات ... ؛ وبحسب قرار قضائي صدر في السابع من أبريل انه ، حُكم على الوزير السابق لؤي الخطيب وثلاثة مسؤولين كبار بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة قدرها مليون دينار (حوالي 700 دولار)... ؛ وأوضحت هيئة النزاهة الاتحادية أن الحكم صدر بحق الوزير السابق وثلاثة من المسؤولين في الوزارة لارتكابهم عمدا ما يخالف واجباتهم الوظيفية وكان القصد من هذه الانتهاكات “منفعة أشخاص على حساب الدولة”... ؛ وتتعلق القضية بعقد قيمته نحو 808 مليون دولار، مع إحدى الشركات العربية لتأهيل محطة الدورة الحرارية في بغداد وتشغيلها وصيانتها... ؛ إلا أنه تبين أن الشركة المتعاقد معها هي “شركة تجارية وغير متخصصة في صيانة وتأهيل المحطات”. كما أوضح البيان أن “الشركة المحال عليها العقد ليس لها أعمال مماثلة في الوزارة”...!!

والوضع كما ترى عزيزي القارئ ( هربجي ) حيص بيص ؛ ولا ندري بمن نصدق ( ظلمه والدليل الله ) فأن كان الذي يدعي محاربة الفساد هو ( فاسد من البيضة ) فبمن نثق ؛ و أي قوم نقاتل ونحاسب وأي قوم ننتخب ونؤيد ...؟! .