عندما زارني أحد الصم الراشدين في مكتبي ، طلب مني أن أشرح له تغريدات تويتر، كانت المهمة صعبة جدا . لأن المعردين لهم تغريدات مبطنة ومكتوبة بذكاء . وتختزل بعض المجازات اللغوية التي لا يمكن لغير الناطقين بالعربية فهما إلا بعد الشرح المباشر مثل هذه التغريدة : أغبط الكثيرين ، ولكني لم أتمنّى يومًا أن أُصبح غيري . يحتاج صديقي الأصم أن اشرح له ما معنى هذه العبارة 

من خلال الحوار الإشاري عرفت إلى أي  حد الصم يجهلون اللغة العربية قراءة وكتابة ، وعرفت أن الهوة كبيرة جدا بين أصم أنهى تعليمه الثانوي وتزوج وأنجب أطفال وبين صبي سامع في الصف السادس الابتدائي يستطيع أن يقرأ قصة ويفهم حديث نبوي بل ويشرح آية ، 

أعرف أن صديقي الأصم يملك من الرغبة الطموحة والدافعية للتعلم ما يشبه الخيال ، لكنه لا يملك من مهارات اللغة العربية إلا النزر القليل الذي يسمح له بمعرفة بعض الكلمات ويشتبه عليه مصطلح "ورثة / وراثة " بل وحتى "بطاقة " و "طاقة" . 

وتساءلت ماذا كان يتعلم الصم خلال سنوات التعليم العام ؟ أمضى الصم 12 عاما مضنية في الدراسة كانوا يركبون الباص من الساعة السادسة أو بعد صلاة الفجر مباشرة ، ولا يعودون إلى منازلهم إلا بعد الساعة الثانية ظهرا ، يمكثون في فصول مزودة بسبورات تفاعلية ويقوم على تعليمهم معلمون أكاديميون ويدرسون منهجا قد تم مراجعته من قبل عشرة خبراء في المناهج وأسسها وتنظيماتها . 

أين ثمرة  كل تلك الكوادر والجهود  ، لماذا لا نرى نواتج تعلم على الأقل في اكتساب بعض مهارات اللغة العربية . 

أين يكمن الخلل وهل سيظل الحال كما هو عليه ، في كل عام يتخرج من بوابة وزارة التعليم آلاف الأميين ؟