«لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» ..

أسمعت ذلك يا صديقي ؛ الله معنا فلِمَ الحزن؟ ولِمَ الخوف؟ ولِمَ القلق؟ وهذا التوتر! اسكنْ، اثبتْ، اهدأْ، اطمئنَّ؛ لأنّ الله معنا. لا نُغلب، لا نُهزم، لا نضلّ، لا نضيع، لا نيأس، لا نقنط؛ لأن الله معنا .. 

يا صديقي ، القريبُ إلى قلبي، الذي يعتصرنِي حزنه كما يعصره و يمرّني اسمه في صلواتِي عفوًا دون أن أستجدي حضوره.

أعلم أنّك مثقل وجدًا، تنوء أجفانك قبل كاهلك عن حملك و أعلم أنّك تحضنُ السّلوى في قلبك فتبدو في صفحات لسانك رضًا وحمدًا و ثناءًا للوليّ .

وأعلم منك في سرائك أنّك تحسبُ كلّ خطوة لتكون إلى الله أقرب، فكيف وقد أظلّتك سحائب البلاء لتحملك على أكتاف السّماء فتكون أقرب، أقرب بكثير!

يا صديقي ، فوقَ كلّ الأكفّ التي لا تصافح جروحنا بسلام، والصّدور التي ماعادت تحمل معنا من أحزاننا ما تحمل، والمواساة الباردة التي يدسّها أحدهم في حديث فلا يجاوز أذنك، وهذا الألم الذي كسر فيك تقاسيم أحبّها، فوقهم ربُّ رفيق، كتب البلاء رحمة ورفعة، (ولطفًا) قد لا نصل إليه بعقولنا الصّغيرة، قد لا نراه أبدًا في زحام الألم و إكتظاظ المعاناة لكنّه معنا، صدّقني لم يعد الفرج بعيدًا، وإن كان فسيكون مذهلاً! سيكنسُ معه كل ندبات الحزنِ التي عثت فيك، سيكنسُ معه اللّيال التي لم تنمها قلقًا، سيكنسُ معه كلّ صباح أشرق على العالم سواك! سيطمسُ من رأسك ممرات المستشفى ومعاول الأطبّاء و مشارطهم و أشيائهم التي لا تعمل برأفة! صدّقني سيكون عظيمًا، يليقُ بالعظيم الذي وعد عباده و لا أصدقَ منه .

عدنِي ألا تكلّ! أحبُّ لقلبك أن يكون رضيًا يحبّ الله وأقداره، و يأنس بإختياره و متأهبًا بإيمانه القوّي لكلّ قارعة، لا يخاف من شيء على الأرض ليقينه أنّها بمن فيها ملكٌ لمن في السّماء وتحت تدبيره .. يخلد إلى النّوم كلّ ليلة والرّضا في صدره لا يخبو ولا يأفل ، يُقبل على الحياة من أجل الحياة الخالدة ولا (ينطفئ) لأنه كلّ لحظة توقّف تسرق منه عمره.

إليك قوله :

“عجبًا لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَّه خيرٌ ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ، إن أصابته سراءُ شكرَ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبرَ فكان خيرًا له”.

طب خاطرًا ، أرجوك.. 

ثٌم أخر أُمنية ؛ لأنّ الله معنا. يا صديقي! اهجرْ همّك، وأزلْ غمّك، واطردْ حزنك، وانسَ يأسك؛ لأنّ الله معنا .. يا صديقي ! ارفعْ رأسك، أمسح دمعتك،  وهدّئْ من روعك، وأرحْ قلبك؛ لأنّ الله معنا. يا صديقي ! أبشرْ بالفرج، وانتظر الفرح، وترقّب الفتح القريب ؛ لأنّ الله معنا..