تجعل الضغوطات الحياتية من الإنسان ألعوبة تتقاذفها الأمراض، هذا الزمان عجّ بأمراض عصرية لا حدّ لها، فمذ أزمنة صار البشر يعيش أزمات، فمنها المطبوخ على نار الدراسات ومنها المحبوك بخيوط الجهل والتجاهل، فالنتيجة هي ضغط عال.

   ما تكاد تنفك مصيبة حتى لاحت من قريب أخرى لتكون أنت المدار ومن حولك مصائب، فإن انعدمت، انعدمت المشاكل، فالكل يعيش مشاكل مختلفة متباينة تباين الرؤى والاختيارات، نعيش أزمة نراها خانقة ثم تزاد خنقا ثم تتوسع بقوة، وأنت غريق في بحر النظر، لا تملك سوى النفس الذي بعدُ سينقطع عنك، المصائب تتقلب بين تدبير وتنكير لها.

   الضغط هو تحملك لهاجس ما، يقض مضجعك، ويحرم ذلك النوم الجميل، يجعلك تحتار وتكثر الشرود في اللاشيء، الضغوط النفسية، صحيح أنها تقلقك، ولكن تفرحك، لأنك جعلت من المواقف خير أنيس بل ضوءا تستنير بها في طريقك، هذا يدعي أنه معك، ولكن بالكلام ثم الكلام إلى آخر رمق في حرفه، والآخر يفعل ولا يقول، فشتان بين الثرى والثرايا، شتان بين السماء والتراب، الضغط النفسي يعلمك ما لا قد يعلمه لك أبواك، يعملك الوقوف الصحيح على قدميك، يوضح لك ملامح الصديق من العدو، يشرح لك قلة الأوفياء من حولك. وعليه، تكون قد تخرجت من أعرق المدارس، وتلقيت فيها دورات تدريبية، وتتلمذت على أياد خيرة ما أنجبته الدنيا، فالدروس كانت الصفعات من أقرب الناس إليك، والخيبات ممن كنت تتوسم الخير فيهم، والوكزات القاتلات من قلوب رأيتها ملائكة. لا يوجد أفضل من مدرسة الدنيا، لتعدّل لك نظراتك للناس، لتخرج من عنق التفكير الضيق، من التفكير الميت إلى التفكير المستنير الرصين، فهؤلاء لم يكونوا قط ضغطا نفسيا، ولكن الأيام دارت دورتها وباتوا ضغطا يسبب الغضب والتعصب لأتفه الأسباب، لم أتمنى يوما كتابة ما كتبه، وأستدرك وأقول:

   ما أروعك أيها الضغط النفسي، حقيقة ما أجملك، لأنك كالساعة، كالأيام، تمر مرّا خفيفا لا ثقيلا، فقط تبقى أحداثك الذكرى، ذكرى القهر والبكاء والغم والحزن والفقد واللوع والأسى، وربما الفرح والبهجة والسعادة والتفاؤل والضحك والسرور ... وكل شيء يصير في عداد الكلمات ككلماتي هذه.


بلال تيقولمامين