(ماشي الحال)
أشعر بثقب في القلب، بعراء الأمكنة حين يُجتث منها أجمل مافيها، الناس والشجر والأُنس والحياة... لكنّ القلب امتلأ ثقوبًا ورتوقًا منذ زمن، اهترأ حتى صارت شقوقه منه، لم تعد طارئة عليه... ولذا (ماشي الحال)
كنتُ دائمًا أدنى من الحُب، أبعد من النسيان، أقف في مُنتصف المسافة، يفوتني غموض البدايات وسحرها، ولا أعرف راحة الوصول... لكن (ماشي الحال)
مُرغمة على الجلوس في المقعد المقابل للزمن، بفعل السأم والوحدة أماشي ألاعيبه أحيانًا، اتظاهر بتصديق مباهجه، لكنّي لا أصدّق، لا يحتال عليّ الزمن... لقد انكشفت أوراقه لي بعد أن غلبني كثيرًا. ولذا (ماشي الحال)
عرفتُ الخوفَ من الإقدام، عرفتُ الخوف من الإعراض، وعرفتُ الخوف من الاستمرار... تآلفتُ مع الخوف، والتآلف نقيضه، فقدَ الخوف وظيفته، روّضته ككلب حراسة يربض على بابي وينبح في وجه الخيبات... و(مشى الحال)
تطاردني الأسئلة، تخوض صراعاتها في أرضي لتصدّ عن قلقها طمأنينة الإجابات. تُدميني هذه الصراعات. لكنّي لا استنجد بمن حرّضها عليّ، ولا أتحالف مع القادرين على إبادتها. أستسلم حتى يمرّ الوقت فتخمد النار. (ويمشي الحال)
أفتقدُ وأحنّ، وهذا الباب الذي لا يلمسه أحد، لا يطرقه أحد، ولا يمر عبره أحد... يموت واقفًا متجذرًا في الوحشة، فيتذكر ماضيه الحزين حين كان شجرة ميتة أعياها وقوفها الطويل لتشهد على مواسم الجدب. لكنّ صمت بابي لا يزعج أحدًا سواي، شعوري بالفقد والحنين لا يلمس أحدًا سواي، ولذا لا استدعي ولا استدني أحدًا مهما ألح الحنين. لأنه (ماشي الحال).