ذيل الكلب

1

اشترت يهود كلباً، ليس للحراسة، إنما لشيء قذر، يفهمه القاريء بالفراسة، عندما وجدوا فيه شرطهم المعهود؛ التجرد التام من الفطرة البشرية، دربوه، زوقوه وألبسوه حتى يُلائم المُهمة، ثم أرسلوه إلى المحفل ليقرأ القسم المعهود أمام الأستاذ:

 " أُقسم بكل نجس وبكل عفن وبكل صنم أن أطمس الطُهر، وأن أحفظ العُهر، وأن أهلِك الثغر والقُطر "

 ثم أرسلوه إلى أرض شهِدَ لها التاريخ بالطُهر والفروسية، ليكون رأساً لطمس الفطرة، وحارساً أمينا للفساد والضلال والتحلل والخنوع والخضوع والمهانة.

3

 وصل كما تصل الكلاب إلى قمة مقلب القمامة، أكل وشبع حتى التخمة، ونهب وشرب حتى الثُمالة، وعوى حتى ملأ الأسماع، وعض حتى أوجع العُربان، وأحكم قبضة الكلاب، حتى نهشت بعض براعم الحرية، واستدعى المعتقدات الكلابية، التي نشأ عليها في عشيرته، التي تُقدس القبور والسراديب.

4

ثار أحرار براعم الحرية، وملأت الشوارع بالهُتاف، وتنوعت هُتافات الحرية، واشتدت، وتفاعلت، حتى لامست شغاف بعض الحمير المُسْتَحْمَرة، فتطهرت ولحقت بالبراعم الطاهرة.

 

5

تظاهر الكلب باللامبالاة، وفاجأ العالم بنداءات ظاهرها الرحمة وباطنها الإحتيال، زادت المظاهرات، وتعالت الأصوات، وهدر صوت الجمع الغاضب، فخرج الكلب في وسائل الإعلام، يمط رقبته، ويهز ذيله، ويستعمل لغة الجسد، التي فضحت حالته الساقطة، و فشل في إسكات الجمع الحاشد.

6

 تواصل مع أستاذ المحفل، الذي نصحه بالحل الأمني، فتوسع في القتل واستكلب في الخصومة، لكن لم يفلح في رد الحشد، فخرج في الإعلام، مهدداً متوعداً، بإعلان الحرب والضرب في سويداء القلب، فزاد صوت الحشد زئيراً.

7

أوحى له أستاذ المحفل أن يتظاهر بالتغيير واحترام رغبة الجماهير وإعلان النفير على الإرهاب، فغير بعض الحاشية ومجلس الشعب وديكور الجوقة الرئاسية، فأدرك الحشد الثائر حالة الكلب ومدى ضعفه، وكشف فخ الإحتيال، فردوا بالمثل وبدأوا يتسلحون للرد.

8

تأكد المحفل من فشل الكلب، فاستعملوا معه الخطة الأخيرة، استدعوه بحجة إجراء بعض الفحوصات للإطمئنان على حالته التي بدى تدهورها، وبعد الفحوصات، أقنعوه أن طرف ذيله تسرطن، وعليه، فيجب استئصاله فوراً، ورضخ الكلب، ليس بيده حيله في حضور أسياده، واستأصلوا طرف ذيله وصنعوا منه حشواً لفطيرة، قدموها له في حفل استقبال بمناسبة نجاته من المرض الفتاك.

9

رجع إلى قواعده، لكن ليس سالماً، فقد أصيب بالسُعار، كما يحدث لأي كلب عندما يأكل بعض جسده، ولم تمض أيام حتى ظهر المرض واستفحل، لم ينقطع عن العواء والعض، وأصدر القرارات الكلابية العشوائية التي تبيح القتل والحرق والتدمير، فردت الحشود المسلحة، وعم الخراب.

10

استدعى أسياده وأعوانه من الشرق والغرب، دارت المعارك الطاحنة، واشتعلت النيران في الشجر والحجر والبشر، وامتلأت الشوارع والمنازل بالجرحى والقتلى، واختفى الكلب عن الأنظار، وأستاذ المحفل يُراقب المشهد.

11

  وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة صَدَّرت أخبارها بمانشيت أحمر:

حتى إشعار آخر !

الكلب مُختفي .. .. .. ..