تهدف هذه السلسة من المقالات الى تسليط الاضواء على الترهات والخزعبلات والسخافات والمقولات العنصرية والمقالات المنكوسة والابحاث الركيكة المسيسة التي تستهدف سكان العراق القدامى ومواطني الجنوب العراقي العظيم ؛ و التي كتبت من قبل بعض الاقلام الصفراء والكتبة المرتزقة ومجهولي الاصل ومعروفي التبعية والولاء من ابناء الفئة الهجينة والاعراب والمستعربة المأجورين وادعياء العروبة من بقايا العثمنة ؛ و لقد شاهدنا كيف إن بعض الفضائيات و المواقع الالكترونية والصحف والمجلات والمقاهي والمجالس أصبحت متنفسا لهؤلاء ( المجلوبين ) والمنكوسين لنفث سمومهم الطائفية والعنصرية وافكارهم العفنة وآرائهم السخيفة , فهذه الحملات الاعلامية المسعورة تهدف كما قلنا آنفا إلى الاستنقاص من اهل الجنوب والوسط بل و تشتيت الشمل المشتت , وتفريق الجمع المفرق , وتعميق الشق الغائر , فهم يخدمون مخططات اعداء العراق ويعملون على تنفيذ أجنداتهم التدميرية ... ومع شديد الاسف ان بعض الحمقى والمغفلين والمخصيين و( الغمان ) من العراقيين الاصلاء او من الاغلبية العراقية تماهوا - من حيث لا يشعرون ويعلمون او من حيث يعلمون - مع هذه الحملات الخسيسة المسيسة والتي تستهدف كيانهم و وجودهم وارثهم الحضاري المجيد ؛ نعم ان بعض الذين تماهوا مع هذا الفكر المنكوس من الذين يحسبون انفسهم على مذهب الاغلبية العراقية ليسوا عراقيين اصلاء ولا عرب اقحاح بل هم من اصول اعجمية وكما قال المثل العربي : (وافق شن طبقة ) ؛ لذلك لا تستغرب عندما ترى ابن الكاظمية الاعجمي الطائفي يتفق مع ابن الاعظمية العثماني الطائفي ضد ابن الجنوب العراقي الاصيل ...!!
واليك هذا المقطع من مقالة النكرة المدعو مصطفى الصوفي والتي تؤكد ما ذهبنا اليه انفا ؛ فقد جاء فيها : ((يرى الكثير من البغدادله والكواظمة و النجفيين وغيرهم من سكان مدن الفرات الاوسط ، سرا او علنا بان "الشرو() يه " - بالصيغة السوقية المبتذلة - شوهوا شكل المدنية واثروا كثيرا على ديموغرافية العاصمة او المناطق التي دخلوها )) .
و اذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
لعل هذا العجمي المنكوس والذي يجلس في مقاهي الكاظمية ويتبادل اطراف الحديث مع اشباهه من لملموم الغرباء والاجانب والعجم والهنود , ويتكلم عن خصوصياته العائلية امام الملأ وبلا خجل او حياء ؛ ويقول مثلا : (( اختكم عليه العادة هل الايام ومداكدر ... !! )) والذين يلقبون ب (( مركة الشجر ؛ لفطاريتهم وسذاجتهم , وسخافتهم احيانا )) ؛ هو من يتبنى هذا الفكر المنكوس العنصري الهابط .
مع كامل احترامي للعراقيين الاصلاء من ابناء الكاظمية والاعظمية واعتزازي وفخري بهم ؛ انا لا اقصد الوطنيين منهم بل اقصد اتباع الخط المنكوس من ذوي الاصول الاجنبية الحاقدة على العراق والعراقيين الاصلاء .
واليك هذا المثال المشرف المغاير , فها هو احد ابناء الكاظمية الشرفاء قد علق في احدى مواقع التواصل الاجتماعي - ( الفيس بوك ) – على ترهات احد المنكوسين - المدعو خالدي والضلوع سوريه - الذي ادعى - وكالعادة بلا دليل ولا بينة بل افتراءا وكذبا - ان اهل الجنوب ايدي عاملة جاء بهم الانكليز للعمل في الجنوب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي واستطرد قائلا ومنهم الشاعر مظفر النواب ؛ فرد عليه ابن الكاظمية والملقب بالانباري بما يلي : (( خالدي والضلوع سوريه ..
قاتلتكم الطائفية , منو جابهم الانكليز , بنو تميم ام ربيعة ام بني مالك ام بني لام ام خفاجة ام طي ام المنتفق بنو عقيل ام كنانه ام السواعد , يا اعجمي يا مستعرب افحص جيناتك .
تغطي نفسك بصورة بعير ولابس عكال عود انت عربي , حتى شكلك واضح بعيد جدا عن العرب .
خالدي وين بقه من ذرية خالد كل النسابة يقولون ليس له ذرية باقية .
انتم سلاجقه تتار , فجنوب العراق اكبر تكتل جيني عربي , علما انا لست من الجنوب ولكن الحق يقال , ومظفر النواب من عائلة بغدادية لا صلة له بالجنوب
ذول ال النواب سادة رفاعية سكنوا العراق ...اوصيك زين الادمن عود احضرني ...))
الشيء الغريب والملفت للنظر والذي استوقفني كثيرا في موقع ( الفيس بوك ) سياسة المعيار المزدوج لإدارة الفيس بوك في تعاملها مع الشؤون والقضايا والشخصيات العراقية ؛ فمن باب تسمح للبعثية المجرمين وفلول الفئة الهجينة الطائفيين والعنصريين والدواعش الارهابيين بأنشاء مئات بل الاف الصفحات الوهمية والمؤدلجة في الفيس بوك والتي تمجد بالمجرمين الغرباء والجلادين الاجانب والذيول والامعات العملاء ؛ اذ يُخيّل إليَّ احيانا بأن موقع الفيس بوك اصبح بعثيا او وهابيا او منبرا للخط المنكوس المعادي للعراق والعراقيين الاصلاء , بينما تمنع انشاء الصفحات الوطنية الاصلية وتحضر الاقلام الحرة الشريفة من التعليق او قول الحق ؛ فها هو الانباري الكاظمي يشكو من سياسة الحظر المستمرة والمتكررة بحق الاقلام الحرة الوطنية , والتي شكى منها الكثيرون من ابناء الامة العراقية الاصلاء .
ونرجع لترهات المدعو مصطفى الصوفي ؛ ولا ادري ماذا يعني لقب الصوفي بالنسبة له ؟
هل كان احد اجداده يبيع الصوف وفجأة وبقدرة قادر تحولوا الى عائلة برجوازية , ام ان احد اجداده كان من اتباع وخدم الطريقة الصوفية التركية العثمانية ..؟؟!!
وهذا الصوفي العلماني الطائفي الليبرالي العروبي العثماني _ ( جامع النقائض ) – من صيره ناطقا رسميا بأسم البغداديين او الكواظمة او النجفيين او الفرات الاوسط ؛ كي يتحدث بالنيابة عنهم ؟؟
واين محله من الاعراب ؟
ما زاد حنون في الاسلام خردلة ..... ولا النصارى لهم شغل بحنون
اذ هرف بما لا يعرف وادعى ادعاءات ما انزل الله بها من سلطان , محاولا دق اسفين بين قبائل الجنوب والفرات - كما فعل ذلك بعض المنكوسين قبله - ؛ متناسيا او جاهلا بحقيقة العلاقات الوثيقة التي تربط تلك القبائل بعضها ببعض , من خلال المصاهرة والجوار والانتقال والهجرة المستمرة بسبب الرعي وغيره , والتاريخ المشترك والمصير الواحد , و وشائج القربى والدم , و وحدة اللغة والتقاليد والعادات ... الخ
ومن الشواهد التاريخية على ذلك معركة( جريبيعات ) عام 1910 بين قبائل العراق والغزاة السعوديين والكويتيين ؛ التي دارت رحاها في لواء المنتفك - ذي قار حاليا – وقد هبت القبائل الجنوبية لنصرة القبائل الفراتية والحقت الهزيمة النكراء بالغزاة الاعراب .
هل يعلم هذا الامعة ان هنالك قبائل انتقلت من غرب الفرات الى شرق دجلة من خلال حلها وترحالها المستمر ؛ ومن هذه القبائل قبيلة بني لام ؛ و تنتسب هذه القبيلة إلى لام بن عمرو من سلالة طي بن كهلان ومنه إلى قحطان، وعليه فإن قبيلة بني لام تعد من القبائل الطائية القحطانية، والمعروف أن بني لام وردوا العراق - منذ القدم - من الجزيرة العربية وكانوا في بدايتهم يتنقلون كبدو رحل غرب الفرات بين البصرة والكوفة ، وبعد مدة عبروا نهر الفرات وأخذوا يتنقلون في مراعي غرب دجلة ومن ثم تحولوا إلى الجانب الشرقي من النهر وأخذوا يتنقلون في المناطق الرعوية بين شواطئ دجلة الشرقية وسفوح جبال بشتكوه ، وكان ذلك قبل تحول مجرى دجلة من مجراه القديم الذي كان يمر بمدينة واسط إلى مجراه الشرقي الجديد الذي قامت عليه مدينة العمارة .
في تلك العصور كان بنو لام يتبعون أمراء المنتفك ويعملون لهم في جمع الخراج، وهذا مؤشر مهم يشير إلى مدى امتداد سلطة المنتفك في تلك الحقب التاريخية والتي كانت تشمل عشائر الجنوب بين الفرات ودجلة .
ولكن بعد حين دخل بنو لام تحت نفوذ أمراء الحويزة وأخذوا يعملون لهم مما يشير إلى نمو سلطة السادة المشعشعين وامتدادها إلى تلك المناطق.
وفي حدود سنة 931هـ (1521م) عين أمير الحويزة المولى بركات الأول شيخ بني لام حافظ بن برّاك حاكماً على منطقة ما يسمّى بالجزيرة الواقعة شمال منطقة الحويزة ومنذ عهد الشيخ برّاك تمكن بنو لام بسط نفوذهم على القبائل المجاورة , وقد التحق بالقبيلة العديد من سكان الجنوب الاوائل بل و سكان العراق القدامى عن طريق الحلف او الولاء ( الجرش ) او المصاهرة ... الخ ؛ وقد حدث هذا الامر ايضا مع قبيلة البو محمد فيما بعد , وهذه سنة قديمة من سنن قبائل العرب والعراق .
ومن الجدير بالملاحظة أن تعاظم نفوذ بني لام في تلك المنطقة تزامن مع تحول مجرى دجلة نحو مجراه الشرقي الحالي الذي حدث في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وهذا مثل آخر يظهر لنا أهمية تحول مجاري الأنهار في حياة عرب العراق، لأن تحول دجلة إلى مجراه الشرقي حوّل قسماً كبيراً من أراضي بني لام الرعوية إلى مناطق زراعية ، فكانت تلك البداية لاستقرار تلك العشائر والتحول من حالة البداوة إلى حالة الزراعة أي من حالة اللاّ انتاج إلى حالة الإنتاج الزراعي .
مع تلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية زادت ثروات القبيلة الزراعية والحيوانية وكذلك زادت الأموال التي كانت تجبى من العشائر المتحالفة معهم والتي هي الأخرى كانت قد استفادت من تلك الظاهرة ، وهذا مكّن بني لام من بسط نفوذهم على مناطق جديدة وتوسيع تحالفاتهم العشائرية ؛ واستمرت تلك التحالفات حتى وصلت الى عهد الشيخ غضبان البنية ومن أهم حلفاء بني لام في زمن مشيخة الشيخ غضبان البنية هم بني كعب وكنانة , اذ كانت هاتين القبيلتين القبضة الحديدة لشيخ غضبان البنية .
وبمرور الأيام وبعد فترة وجيزة نسبياً تمكن بنو لام من إقامة إمارة مستقلة عن نفوذ السادة المشعشعين أمراء الحويزة، وعن سلطة المنتفك .
في العهد العثماني خاض بنو لام معارك ناجحة ضد عشائر المنتفك وأزاحوهم من الجانب الشرقي من نهر دجلة .
ثم خاضوا بعد ذلك معارك عنيفة ضد أمراء الحويزة السادة المشعشعين وانتصروا عليهم في معركة حاسمة أسروا فيها أمير المشعشعين نفسه بعد أن أبادوا قرابة عشرين ألف من مقاتليه ، ولكنهم أطلقوا سراح المولى المشعشع بعد انتهاء المعركة وأعادوه بكل إجلال واحترام إلى عاصمته بالحويزة .
بعد حروبهم الناجحة ضد قبائل المنتفك وضد قبائل الحويزة أصبحت حدود إمارة بني لام تشمل مناطق دجلة من الكوت شمالاً وتمتد جنوباً لتشمل جميع مناطق العمارة بما فيها مناطق الأهوار التي كانت تتخللها مساحات شاسعة من المناطق الزراعية وبساتين النخيل .
وكانت عشائر تلك المناطق التي دخلت تحت سيطرة بني لام تلتزم منهم تلك المناطق الزراعية والبساتين وتدفع لرؤسائهم بدلات التزام متّفق عليها .
استمرت سيطرة بني لام على تلك المناطق لعدة قرون، ولكن بعد ظهور البو محمد خرجت من سيطرتهم مناطق العمارة ، فقد خاض البو محمد في عصور لاحقة معارك طاحنة ضد بني لام وتمكنوا من الاستقلال عن سلطتهم، وتكوين إمارة البو محمد في مناطق العمارة وذلك في حدود النصف الأول من القرن التاسع عشر (1841م). (1)
كانت المناطق التي يسيطر عليها بنو لام واسعة وصعبة الوصول، وتلك مزيّة عسكرية ساعدتهم على عدم الخضوع للعثمانيين منذ بداية احتلالهم للعراق .
فقد خاضوا عبر العصور حروباً طاحنة ضد السلطات العثمانية المحتلة الظالمة مستفيدين من سعة أراضي الجزيرة التي تمتد إلى سفوح جبال بشتكوه داخل الحدود الإيرانية ، ومن عمق ومنعة الأهوار التي كانوا يتحصنون بها أحياناً . ولذلك كان بنو لام يمتنعون طيلة تلك العهود عن دفع الرسوم المجحفة والاتاوات الظالمة إلى السلطات العثمانية السارقة الفاسدة ، ويديرون شؤونهم بصورة مستقلة عن حكومة بغداد العثمانية ، وبين فترة وأخرى كان بنو لام والعشائر الجنوبية والفراتية المتحالفة معهم يشنون الغارات على ولاية بغداد والبصرة ويقطعون طرق الملاحة النهرية في دجلة بين بغداد والبصرة ويحرضون قبائل المنتفك ويساهمون أحياناً معهم في شن الغارات على البصرة وذلك لإضعاف سلطة الاحتلال العثمانية .
أما من ناحية الشمال فقد كانوا يشنون الغارات على منطقة مندلي وديالى وأحياناً كانت تصل غاراتهم الأطراف الجنوبية لمدينة بغداد .
وقد انتهى القرن السابع عشر وبنو لام هذا حالهم مع السلطات العثمانية حتى ورود المجرم العثماني حسن باشا بغداد في سنة 1704م.
وقد حشد المجرم حسن باشا قواته العسكرية وتحرك جنوبا نحو ديار بني لام، ويبدو أنهم كانوا على علم بتحرك الوزير ضدهم بجيشه الجرار المزود بالمدافع الضخمة والأسلحة الفتاكة ، فانسحبوا بأموالهم وممتلكاتهم وتواروا عن الأنظار، أرسل الوزير دوريات عديدة للبحث عنهم وحصل على معلومات تفيد بأنهم أخفوا نساءهم وأطفالهم في بعض مضائق جبال اللر الفيلية وتركوا البعض من مقاتليهم لحمايتهم ، بينما كمن الباقون في ممرات الجبل .
توجه الوزير إليهم بجيشه وما أن اقتربت منهم طلائع الجيش حتى ظهروا فجأة والتحموا معها في قتال شديد ، ولكن تفوق نيران جيش الوزير اضطرتهم إلى الانسحاب والاحتماء بجبال اللر الفيلية .
ولكن الوزير الحرامي والمجرم السارق تتبعهم رغم كل الصعاب طمعا بالغنائم , وقام بالاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم وعاد إلى بغداد محملاً بتلك الأموال السحت المنهوبة(2).
ومما ذكره الدكتور على الوردي عن تاريخ دخول الانجليز الى العراق عام 1914 وموقف الشيخ غضبان البنيه - شيخ قبيلة بني لام - الجهادي الوطني منهم .
وفي أواخر كانون الثاني 1915 وصلت من العمارة قوة تركية بقيادة توفيق بك ومحمد فاضل الداغستاني ، فعسكرت علي ضفاف نهر الكرخة على بعد عشرين ميلاً من بلدة الاهواز غرباً ، ثم جاه علي أثرها مجاهدون كثيرون من العشائر العراقية كـبني لام برئاسة الشيخ غضبان البنية ، وبني طرف برئاسة الشيخ عوفي بن مهاوي وعاصي بين شرهان، وربيعة برئاسة عناية بن ماجد، والرزقان ( الزركان ) برئاسة قاسم بن علي .
وكان في صحبة المجاهدين عدد من علماء الدين كالشيخ مهدي الخالصي وابنه الشيخ محمد ، والشيخ عبدالكريم الجزائري ، بالإضافة الي السيد عيسي كمال الدين .
وكان لمجيء هؤلاء المجاهدين أثره في عشائر عربستان ؛ ففي 5 شباط أعلنت عشيرة الباوية التي تسكن الي الشرق من بلدة الاهواز انضمامها الي حركة الجهاد ، و قطعت أنابيب النفط و أشعلت النار فيها كما نهبت مخازن الشركة ؛ وان دل هذا على شيء فإنما يدل على وحدة الارض والاصل والمصير بين تلك القبائل والعشائر العراقية والعربية العريقة .
و في 25 شباط ثارت عشيرة بني كعب علي الشيخ خزعل حيث اتهمته بأنه حليف لبريطانيا ضد الدولة العثمانية و التي يعتبروها دولة مسلمة يجب نصرتها بالرغم من كل الماسي والمظالم والجرائم التي ارتكبها الاتراك وغلمانهم الاجانب ( الكفار ..!!) من شذاذ الافاق بحق سكان العراق المسلمين من اتباع ال البيت بل وحتى سنة العراق الاكارم من اتباع الامام ابي حنيفة النعمان العراقي .
و قد سيطرت هذه العشيرة علي بلدة الفلاحية و نصبت عليها حاكماً من العلويين اسمه جابر السيد مشغل .
تحرج الوضع في المنطقة بالنسبة للإنكليز، و اعترف الشيخ خزعل انه فقد سيطرته علي العشائر .
و قد استطاع الشيخ خزعل أخيراً من جمع قواته، فأرسل قسماً منها بقيادة حنظل ابن أخيه نحو عشيرة الباوية فدحرها، كما أرسل القسم الآخر بقيادة ابنه الاكبر جاسب نحو عشيرة بني كعب فأنزل بها هزيمة منكرة ؛ لأنه كان يرى ان التحالف مع القوة الدولية الجديدة ( بريطانيا ) افضل الف مرة من نصرة المجرمين العثمانيين والمحتلين الاتراك .
و كان الجنرال باريت قد أرسل الي بلدة الاهواز قوة بقيادة الجنرال روبنصون ، وقد وصلت هذه القوة اليها في 15 شباط .
و في ظهر 2 آذار تحرك روبنصون علي رأس جنوده قاصداً ضرب القوة التركية التي كانت معسكرة في موضع يقال له " الغدير" تحت قيادة توفيق بك الخالدي . وقبل أن تشرق الشمس في اليوم التالي كان روبنصون قد وصل على بعد أربعة أميال من معسكر الاتراك، وأمر بإطلاق مدافعه عليهم .
ولكنه فوجئ بجموع من العشائر تنهال عليه من الجانبين .
انه كان ينوي مباغتة القوة التركية ولكن العشائر هي التي باغتته .
و نشب من جراء ذلك قتال عنيف تكبد فيه الفريقان خسائر فادحة .
وشاع الارتباك في القوة الإنكليزية ، و لم تتمكن من الانسحاب الا بصعوبة .
وقد غنمت العشائر منها غنائم كثيرة كان من جملتها مدفعان أحدهما صحراوي و الآخر جبلي .
اقترف الاتراك أثناء المعركة غلطة ساعدت القوة الانكليزية علي النجاة ، فقد أخذ الاتراك لشدة حماسهم يقذفون قنابلهم علي العشائر التي كانت تقاتل معهم - (يا لهم من حمقاء !!) - ولعل فعلتهم مقصودة فهؤلاء المجرمون الاوباش الاتراك كانوا لا يتورعون عن قتل اكبر عدد من العراقيين بشتى الاعذار والحجج الواهية كما فعل رعاياهم اللقطاء فيما بعد لاسيما في عهد المجرم الدموي جرذ الحفرة العار دوحي بن ابيه ( صديم ) .
ومهما يكن الحال فان أفراد العشائر ابدوا في تلك المعركة شجاعة أذهلت الانكليز. يقول موبرلي في وصفهم : (( أن لهم مقدرة فائقة على السرعة في التنقل والحركة ، ففرسانهم يسبقون فرساننا دائماً ، أما المشاة منهم فان رشاقة أقدامهم تكنهم من مصاولة أفراسنا ، وقد شهد ذلك ضابط هندي كان يمتطي مهراً من أمهار البولو اذ وجد أن أفراد العشائر في جريهم علي أقدامهم كانوا أسرع منه ، و لولا تدخل مدفعيتنا لما استطاع الهرب منهم )) .
وعلى أثر انتهاء المعركة أعلن غضبان البنية رئيس بني لام جائزة بمبلغ من الليرات الذهب يدفعها لكل من يأتي له برأس رجل بريطاني أو هندي .
وقد أدى هذا الاعلان بأفراد العشائر الي حز رأس كل جريح يقع في أيديهم طمعاً بالجائزة .
و يروي ويلسون حادثة طريفة وقعت بسب ذلك خلاصتها أن جريحاً بريطانياً أحاط به بعض أفراد العشائر و أفهموه عن طريق الاشارة أنه يجب أن يستعد لقطع رقبته ، فطلب منهم مهلة ليخلع حذاءه ، و ظنوا أنه يريد أن يصلي ، ولكنه غافلهم و قذف حذاءه في وجوهم، فأطبقوا عليه وقتلوه .
وما عشت اراك الدهر عجبا ؛ فهؤلاء الابطال العماريون والاشاوس الجنوبيون الاحرار الذين طهروا الارض العراقية من كل محتل بريطاني غاشم وقتلوا كل مجند هندي ظالم ؛ يتهمون الان بكونهم هنود او عجم ومن قبل ابناء واحفاد الهنود انفسهم ورعايا العثمانيين وبقايا الاحتلال الانكليزي ..؟؟!!

..............................................................................
(1) تاريخ ميسان وعشائر العمارة جبار عبد الله الجويبراوي ص88-ص99 بتصرف .
(2) عباس العزاوي - تاريخ العراق بين احتلالين، ج5ص162 بتصرف .