مرحبًا بك -عزيزي القارئ- من جديد. إن لم نكن تقابلنا قبلُ؛ فلا بأس. أتمنّى منك -تكرّمًا وَ لطفًا- أن تطّلع على تلك التدوينة وَ التي هي بمثابة الاستهلال لهذه التدوينة، إذا قرّرت أن تُكمل قراءة هذه التدوينة دون تلك؛ فلا بأس -أيّها المتمرّد-.

التجربة دون المستخدم

كيف يُمكن لنا أن نفهم التجربة أكثر؟ ربما، إذا نحيّنا المستخدم قليلاً، أو ربما، من خلال معرفتنا لخصائصها. لا ريب، أنّ للتجربة خصائص تتأثر بها وَ تؤثر. التجربة مثلاً، قد يكون لها محفّزات (Triggers). هذه المحفّزات، قد تكون حسيّة (Senses) كالشمّ (مثلاً، تجربة شمّ الورد) وَ التذوّق (مثلاً، تجربة تذوّق القهوة) وَ السماع (مثلاً، تجربة سماع صوت النهر) وَ النظر (مثلاً، تجربة مشاهدة غروب الشمس) وَ اللّمس. وَ قد تكون هذه المحفّزات من العمليّات المعرفيّة (Cognitive processes) كأنّ تكون على هيئة فكرةٍ (Thought)، أو إدراكٍ (Awareness)، أو تأمّلٍ (Observation)[1].

Image title

(صورة: خصائص التجربة).

قد يكون للتجربة وقتٌ (Time) كذلك، هذا الوقت يبدأ من الثواني (مثلاً وَ عادةً، تجربة فتح الباب) وَ ينتهي إلى العقود (مثلاً، تجربة التعلّم). ربما تحمل التجربة معنى (Meaning) أيضًا، قد يكون -هذا المعنى- رمزيًّا (Symbolic)، وَ قد يكون واقعيًّا (Pragmatic)، وَ قد يكون دلاليًّا (Semantic). قد تحمل هذه التجربةُ عاطفةً (Emotion) كذلك، الثقة، وَ الراحة، وَ ربما شيء من الجماليّات (أو علم المحاسن) (Aesthetics).

قد يكون للتجربة أيضًا مجرى (Flow) ما (أو تدفّق)، يؤثّر بهذا المجرى، نقاط التماس مع التجربة وَ التفاعلات معها كذلك. قد يكون للتجربة كذلك كثافة (Intensity)، تبدأ من مجرّد ومضة (Flash) وَ تنتهي إلى غمرةٍ (Immersion). قد يكون للتجربة نوعٌ من المشاركة (Participation) أو التورّط، قد تكون هذه المشاركة فاعلةً حاضرةً (مثلاً، تجربة مشاهدة مباراة من خلال المدرّج)، وَ قد تكون مشاركة حاضرةً غائبة (مثلاً، تجربة مشاهدة مباراة من خلال الشاشة).

دورة حياة التجربة الكاملة

تخيّل -عزيزي القارئ- أنّك تريد أن تخوض تجربة “شراء هاتفٍ ذكيّ”. كيف -برأيك- ستكون دورة حياة هذه التجربة؟ لا بأس. دعني وَ إيّاك -عزيزي القارئ- نتأمّل الأمر هُنيهةً. ستبدأ التجربة عادةً بمرحلة “الوعي (Aware)”؛ وتعني الشعور بالرغبة في شراء هاتفٍ ذكيّ. بعد ذلك، ستنتقل التجربة إلى مرحلة “استكشاف (Explore)” الهواتف الذكيّة المُتاحة (ربما وفق معيارٍ أو معايير معيّنة). بعد ذلك، ستنتقل التجربة إلى مرحلة “المقارنة (Compare)” بين الهواتف الذكيّة التي استكشفتها. بعد ذلك، ستنتقل التجربة إلى مرحلة “شراء (Purchase)” هاتفٍ ذكيّ تمّ اختياره.

بعد مرحلة شراء الهاتف -عزيزي القارئ-، ستنتقل التجربة إلى مرحلة “فتح صندوق (Out of box)” الهاتف الذكيّ. ثمّ ستنتقل التجربة إلى مرحلة “تنصيب (Setup)” وَ إعداد الهاتف الذكيّ. يتلو ذلك، مرحلة “استخدام (Operate)” هذا الهاتف. قد تضطر التجربة -في مرحلة ما لاحقةٍ- إلى الإنتقال إلى مرحلة “صيانة (Maintain)” الهاتف. كما وَ قد تضطر التجربة إلى الإنتقال إلى مرحلة “ترقية (Upgrade)” الهاتف. قد تنتقل التجربة -في نقطةٍ ما- إلى مرحلة تغيير أو “إعادة تدوير (Recycle)” الهاتف الذكيّ؛ ربما لكونه بات قديمًا أو لأيّ سببٍ آخر. وَ هكذا، تبدأ الدورة من جديد وَ تستمر إن قُدّر لها أن تستمر.

Image title

(صورة: دورة حياة التجربة الكاملة).

يتغيّر المُستهدَف في التجربة حسب المرحلة الراهنة، فيكون في البداية -هذا المستهدفُ- مُتفرّجًا (Audience) ثمّ يصبح زبونًا (Customer) ثم يصبح مُستخدمًا (User) ثم يصبح عميلاً (Client). على الشركة المصنّعة للهاتف الذكيّ -وفقًا لمثالنا الحاليّ- أن تتهيأ لكل مرحلةٍ بحسب ما يليق، على سبيل المثال، في مرحلة “الوعي”، قد يعرف المتفرّجُ الشركةَ من خلال سمعتها أو من خلال إعلاناتها أو من خلال أي وسيلةٍ أخرى. في مرحلة “فتح الصندوق”، قد يكون التغليف للهاتف الذكيّ أنيقًا وَ جذّابًا. في مرحلة “الصيانة”، قد تكون خدمة العملاء لائقة وَ مهذّبة؛ ربما تطّلع على هذه التدوينة لمزيدٍ من الأفكار.