لطالما رفضتُ فكرةَ أن هنالك علاقة وثيقة بين التعب النفسي كالاكتئاب والقلق ونوبات الهلع والوساوس.. وبين علاقة العبد بربّه، ولكن الآن فقطأدركتُ كيف بقربي من الله يهون عليَّ هذا الركض الطويل في الحياة، وكيف أن إيماني ويقيني التام بالله وحده يهدِّئ من روعي.

القلق هو الصّاحب المُحبّ لأفكارك المستقبلية، وهو حاضرك بعد أن تَعيشهبالله عليكهل فكرتَ ولو لمرةٍ واحدةٍ أن تسأل نفسكلِمَ القلقوالهلع على شيء كتَبه الله لي؟ القدر مكتوب، وقلقي ونوبات هلعي لن تُغيِّر المستقبل إلا لو سيطرتْ عليَّ.

خطِّط لمستقبلك، وتوكلْ على الله، وامضِ، ولا تقع في حفرة التساؤلات غير المنطقية، وتذكر أن أعداءك كثيرون، وأن الشيطان يقف عند كلخطوة تخطوها لتتقرب من الله، ويجعل الشك والخوف ملازمَيْن لقلبك حتى تضعف وتستسلم؛ لأن الله يحبّ المؤمن القويّ؛ فعن أبي هريرة-رضي الله عنهقالقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌاحْرِصْعلى ما يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ باللَّهِ وَلا تَعْجِزْ، وإنْ أَصابَكَ شَيءٌ، فلا تَقُلْلو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذا وَكَذا، وَلَكِنْ قُلْقَدَّرَ اللهُ وَما شاءَ فَعَلَ؛ فإنَّ (لوتَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطانِ". (صحيح مسلم٢٦٦٤).

والتفكير بالماضي إن كان يجلب لك المشاعر السلبية؛ فلا تفكر بهببساطة عوّد نفسك على عيش اللحظة فقط، ومن المؤكّد أن الأمر يتطلبالكثير من الجهد، ولكنّه يستحق العناء كلهواعلمْ أن ما مضى لن يعود، فتعلّم مِن ماضيك، ولكن لا تَعِش فيه.

الاكتئاب ضيفٌ ثقيلٌ، يمرّ حتى يسرق منك حياتك بلحظاتها، وله أسباب عديدة عليك بالبحث والتقصّي، فالحزن ليس كالاكتئاب، هناك فروقشاسعة، منها أن الأعراض تستمر لأسبوعين كـحد أدنىوهو ليس عقابًا من الله، لا تسمعْ لمن يقول لكالاكتئاب رسالة لك بأنَّ الله لا يحبُّك،فـلو كان كذلك فـكيف بهِ يبتليك ليخفّف من ذنوبك ويقرّبك منه؟ أليس العقاب هو أن ينساك اللهلهي فكرة عظيمة ومواساة تجعلك تحمد اللهوتشكره مهما كان تعبك.

لا أقول بأن القرب من الله هو العلاج الوحيدوإنما هو الأصل في كل شيء؛ إذا كان أساسك متينًا وقويًّا لن يتزعزعروحك تبحث عنالأساس الثابت؛ حتى لا يكتسيها السواد.

نصيحةتقرَّبْ من الله أكثر في كلّ دقيقة، أنتَ عبدٌ لله، والعبد الذي يلجأ إلى الرحمن الرحيم اللطيف يستحيل أن يعود خالي اليدين، وإنماسيُسَهِّل لك أن تجد الطبيب المناسب أو الصديق الحقيقي، علينا أن نبصر لُطف الله في أحوالنا كلها، وإن كانت قاسية ومنهكة، التعبالنفسي لا يَحتاج فقط إلى استشارة مباشرة، وننسى أن نسأل أنفسنا هل عبدتَ الله حق عبادته؟ هل التزمتَ الطاعات وتجنّبتَ المعاصي،وجاهدتَ نفسك؟ وهل أحببتَ الله؟ 

علِّموا أولادكم أصولَ الدِّين بكل ما فيه؛ حتى يكون لهم السند الثابت والطريق المستقيم مهما كثرت الطرق غير المستوية، استودعوا القرآن فيصدورهم، ووفِّروا لهم الأمان والبيئة المناسبة، الترهيب ليس الحل، وما يناسب زمانك يختلف عن هذا الزمان الصعب؛ لذلك لا تتبع طريقةتربوية غير التربية النبوية.

 

العلاجات النفسية تُفيد، ولكن أذكركم بالأساسيات الثابتة التي نحتاجها قبل كل شيء.

وفي الختاماعرفوا الله