بعد سنوات من الدراسة والجهد المتواصل وفَقْد شعور الفراغ لمدة طويلة؛ يجتاحك الآن بهذه اللحظة، ولا تعرف كيف تتعامل معه أو تتخلص منه. وعندها يتأثر جسدك فيُصاب بالخمول والكسل، وخطوة بخطوة تسوء حالتك النفسية، وتعتقد أنها حالة عادية سوف تمرّ، ولكن انتبه؛ فهذا هو الهروب الساذج؛ لأنك بحاجة إلى روتين يوميّ آخر يزوّدك بالطاقة التي فقدتها، وبحاجة إلى التغيير الكُلّي بدايةً من نفسك حتى تبدأ بمن حولك.

والآن اسأل نفسك: ماذا أريد؟ لقد حققتُ أحد أهدافي، وتخرجتُ بعد عناء، ولكن ما هي الخطوة القادمة؟ والآن سوف أجيب عن سؤالك، وتذكر دائمًا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزولُ قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عمُرِه فيمَ أفناه، وعن عِلْمِه ماذَا فعَل فيه، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيمَ أنفقَه، وعن جسمِه فيمَ أبلاه» (صحيح الترمذي: ٢٤١٦).

 

أولاً: علاقتك مع الله -تعالى-، ببساطة وُلِدْنَا مُسلمين، ولله الحمد، لذلك يجب أن نعرف الله ونبيّه بصورة أعمق وأدق. هناك الكثير من المصادر المساعِدة على ذلك؛ منها قنوات باليوتيوب أو بالتلجرام.

ثانيًا: من غير المعقول أن نحصر عقولنا بما درسناه بالجامعة أو الكلية، العقل ذلك الجزء المذهل، والأكثر تعقيدًا، وهبَنا الله إيَّاه حتى نغذِّيه بكل ما هو مفيد ومنوّع؛ سواء لصحتنا النفسية أو الجسدية.

ثالثًا: الكُتب، وهنالك الكثير والكثير من المصنّفات والمواضيع، منها روايات أو كتب تخص علم النفس وعلم الاجتماع، والقائمة تطول. البعض يقرأ صفحة، والبعض الآخر يقرأ عددًا معينًا من الصفحات على مدار الأيام، لذا عليك أن تغوص في المصنّفات العديدة، وتدرك ما نوع قراءتك المفضلة عندها تبدأ بالتدريج حتى تعتاد وتصبح عادة يومية؛ بإذن الله.

رابعًا: التطبيقات الخاصة بالدورات المختلفة؛ لأننا بعصر التكنولوجيا، لذلك فطريقة البحث وانتظار الوظيفة تختلف أيضًا، ولا نركن لليأس فقط، فالمحاولة لها نتائجها المختلفة لكل شخص، ولكل محاولة أيضًا.

خامسًا: المواهب، إذا كنت تبرع في شيء ما كالرسم أو الكتابة أو أي شيء آخر طوِّره، فهذه فرصتك الذهبية لتعلو وتستمتع وتدرك أن ما تملكه كنز ثمين يجب أن تُزيح عنه غبار الأيام، ولا بأس بقسطٍ من الراحة.

نأتي للجهة الأخرى؛ ماذا لو لم أملك أيّ موهبة؟

الجواب بسيط؛ ما هو الشيء المفيد الذي تستطيع أن تفعله وأنت سعيد بذلك؟ قد يكون الجواب كتابة ثريد على توتير عن فوائد شيء ما، أو لديك قدرة على الحفظ فتستغلها لتعلُّم لغة أخرى، والكثير من النافع المفيد.

 

سادسًا: التخصُّص، النسيان سهل بزمن التشتت والملهيات، لذلك اقرأ، واستذكر ما درسته بشكل مستمر أو متقطع، ولكن احذر من الانشغال بكل شيء؛ حتى لا تنسى الأساسيات. حاول أن تبحث عن شيء ما مرتبط بتخصُّصك، ومارْسه وفق خُطة تضعها أنت بنفسك.

 

كل هذه النقاط أنت تعرفها، ولكنك تحتاج بمن يذكّرك بها. فلا تنسَ أن تضع خطة واضحة تبدأ بماذا أحتاج؟ حتى لا يمتلئ عقلك المسكين بالترهات، أو ماذا فعلت اليوم؟ ببساطة تذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ» (صحيح البخاري).