كنا في مجلس ذات يوم نتجاذب أطراف الحديث، فبدأ أحد الحضور في سرد قصته الساذجة التي ما ترك مجلساً إلا واستأثر بالحديث فيه بأسلوبه المكرر الذي يجلب الملل، فيبقى الحضور مستمعين لحديثٍ جُلّه من المبالغات المقيتة والحكايات الساذجة التي هي أقرب للخيال المبتذل، ومديح النفس المذموم.
سمعت هذه القصة منه كثيراً فمللتها، وحاولت كثيراً أن أوحي له بطريقة أو بأخرى بقبح ما يصنع بنا حين يحضر مجالسنا، ولكن لا حياة لمن تنادي.
ذلك اليوم وكعادته بدأ في سرد قصته المعتادة المملة، فتصرفت تصرفاً حتى أُبيّن له أنّنا قد مللنا فارحمنا.
تنهدت تنهيدة طويلة وقمت مستأذناً وتاركاً له المجلس، لم يأبه وأكمل قصته المعتادة بنفس الأسلوب الممل وبكل تفاصيلها الساذجة.
كنت على مقربة منهم، في سيارتي أنتظر صديقي الذي يرافقني، ولكنه كان منهمكاً في الاستماع لهذه القصة مبدياً اهتمامه بها وتفاعله معها، وهو الذي سمعها أضعاف ما سمعتها.
كنت أنتقد تضييعه لوقته في سماع قصة سمعها مراراً بكل تفاصيلها المملة وغير المنطقية.
وبعد أن انتهى وأتاني؛ قلت له أما مللتَ هذه القصة؟، والله أني قد مللتُها، لقد سمعتُها ألف مرة. فقال:
(ما ضرّك لو زادت واحداً بعد الألف؟ )
صديقي أراد أن يُعلّمني درساً بأسلوب عملي و تطبيقي، وقد وعيته. فهل وعيتموه؟!
✍️ أبو نواف
١٩ شعبان ١٤٤٢هـ