الغضب داء عضال وصفة ممقوتة نهى عنه خير البشر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردد مرارًا، قال: ((لا تغضب)) رواه البخاري.
لأن الغضب يخرج الإنسان من طبيعته فيفقده عقله ويعمي بصيرته فيجعله يتصرف بلا شعور أو مسؤولية ، وربما أفسد الغاضب بأفعاله وأقواله ما حرص على بنائه في سنوات.
الغضب بلاء يجعل من ابتلي به تعيساً مهموماً نادماً على كلمة قالها أو حماقة ارتكبها تحت وطأة غضبه وجنونه المؤقت الذي لا يتجاوز الدقيقة ربما.
أعترف أنني خسرت الكثير بسبب غضبي الذي حين يتملكني أتحول لشخص آخر لا يشبهني ، ومايؤلمني أنه قد يتضرر من لا ذنب له ، والألم الأشد حين يكون ذلك المتضرر قريباً أو حبيباً.
ومع أني سرعان ما أندم وأحاول جاهداً إصلاح ما أفسدته إلا أنني أحياناً أشعر بأني فشلت لأن شعوري بالندم يجعلني في حالة نفسية لا أستطيع الخروج منها إلا بعد فترة ربما تطول.
ومازاد انزعاجي أن هناك من يستغل نقطة ضعفي هذه فيثير غضبي متعمداً ليخرجني من العقل إلى الجنون فيقف ضاحكاً في زاوية بعيداً عن عاصفة ذلك الغضب خلا كلمات هي أقل مما يستحق على قبح فعله وسوء أدبه.
ومع أنه انتصر وآلمني انتصاره إلا أنني لا ألومه ، بل ألوم نفسي على مافعلت وقلت فتزيد حسرتي وندمي لأنني في كل مرة أنا الخاسر.
كم أتمنى أن أكون ذلك الرجل الذي لا يغضب مهما حاول نذل جبان استفزازه ولكني في كل مرة أفشل !
ولكن الحقيقة أن بعض الناس قد تجرّد من إنسانيته فجربنا معه كل الطرق لنعيده إنساناً كما خُلِق إلا أنه يأبى إلا أن يصير حيواناً.
ينبح كالكلب ليل نهار لا يكل ولا يمل حتى يجد حجرا يلجمه ؛ مع أننا عاملناه بقول الشاعر :
لو أن كل كلب عوى ألقمته حجراً
لأصبح الصخر مثقالاً بدينار
إلا أنه زاد نباحه وكثر حتى صار أسوأ من الكلب ، فالكلب وفيٌّ لمن أحسن إليه.
وفي الختام صدق رسولنا الكريم حين قال :
" لا تغضب "
🖋أبو نواف
الأحد ٢٢ / ١٠ / ١٤٤١