هناك لعبة مشهورة باسم الأُحجية أو "Puzzle"، تعتمد هذه اللعبة على البحث عن القطع المناسبة ضمن مجموعة قطع محددة لتركّبها مع بعضها مكونةً بالنهاية صورة كاملة لا تكتمل أبداً إلا بوضع كل قطعة بمكانها المناسب وبخطة تجعل الصورة النهائية حاضرة في ذهنك طوال اللعبة حتى تحل الاحجية بشكل صحيح.

والعجيب أننا يمكننا تطبيق هذه اللعبة على كل علاقاتنا!.

فكر بنفسك، تخيل أن قصتك كلها أحجية.. كل الاشخاص، الأحداث، هي قطع وأنت عليك أن تكتشف الحل النهائي للأُحجية.

ولكن مع فارق..

هنا ليس أمامك قطع محددة تضمن أن الحل محصور بها.

أنت من ستبحث عن القطع وتتخيل الصورة النهائية، قصة حياتك.. حُلمك.. كيف تخطط أن تكون؟ مع من؟ وما صفاته؟ وما صفاتك!

نعم لا تستغرب.

حياتك أحجية معقدة جدًا.

مجموعة ضخمة من الذكريات والأفكار والبشر والأحداث، هذه حياة الإنسان.

قد تُعجبك قطعة من القطع، تقنع نفسَك لوقت طويل أنها ملائمة لك، وأنها القطعة المناسبة لإكمال الصورة كما تريد وأن مكانها الصحيح في الاحجية أن لا تكون إلا بجانب قطعتك في صورة حياتك الكبرى.

ولكن هذا التّعلق لا يكفي، عناد الحب هنا قد لا يغير شيء.

هذا ليس من خصائص الحب!

بل هذا يخص الانسجام.

وفي حقل الانسجام يلعب ألد أعداء الحُب. وهو العقل.

من الصعب جداً أن لا تخوض هذا الحقل المليئ بالألغام. تلك المواقف والتّفاصيل الكثيرة التي تشغل عقلك من حين لآخر. قد تنسيك إياها لحظات الحب السّاحرة. لكنها كالمخدر فقط..

الانسجام هو الجدار الذي تتحطم تلك الذكريات عند الاصطدام به.

تصحو من المخدر.. نعم. صفعة أخرى من صفعات العقل.. قد لا تخرج سليماً بعدها أبداً.

لا يكفي أن تتعلق بقطعة تريدها أن تكون نصفك الآخر، فالقطع المتشابهة لا تكون مناسبة لبعضها دائمًا في لعبة الاحجية المعقدة!

وقد يكون شكلها الخارجي مختلف ومضمونها مشابه ومكمل لما ينقصك انت تحديدًا.

الانسجام هو أن تجد شخص يَفهمك حقاً، يخبرك بذلك الشيء الذي ينقصك، تخبره بحالك الحقيقي وليس حالك الذي يكون بخير دائما!.

ذلك الشخص الذي لا تحتاج سوى عفويتك حين تحدثه ولا يضطرك للتفكير كثيرًا قبل أن تخبره بأي شيء فهو سيفهمك كما تريد أنت.. بل قد يفهمك اكثر من نفسك.

من يكون أهلا لأن تَحمل معه همومك وهمومه سوياً ضد كل شيء دون أن يُشعرك بثقل ذلك..

هذا لا يكون أبدًا بالتّعلق دون فهم الطرف الآخر.. كيفَ يُفكر.. وماذا يشعر وماذا يريد.. دون الانسجام الكامل معه..

هذا الشخص تحديدًا يمكنه أن يُكمل الصورة النّهائية دون أي تَتَشَوّه، فهو لم يوجد إلا ليكملها..

#غَيْثْ ✒☁️

#حب #مقال #اقتباسات