من آيات الله العظيمة في خلقه والتي اعتاد الناس عليها في السنوات الأخيرة أن يرزق الله بعض الأسر توأماً من الذكور أو الإناث أو كليهما ؛ سبحانه يهب لم يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ، له الحكمة البالغة يخلق ما يشاء ويختار ، ولعل آخر ما سمعنا عن ذلك تلك السيدة من بلاد الشام والتي ولدت خمسة توائم من الذكور والإناث قبل أسابيع .

إن وجود توأم في أسرة يجعلها فريدة بين جيرانها وفي محيط مجتمعها ، مما يجعل لهذا التوأم طابعاً خاصاَ بين إخوانه وأصدقائه ينبغي على الوالدين التعامل معه بوضع خاص يختلف عن غيره ؛ وسأركز في حديثي هنا عن التوأم الاثنين لوجود العديد من هذه الحالة وصعوبة التعامل معها في السنين الأولى .

أقوم بتعليم إحدى المواد في إحدى المدارس ، وجدت بعض حالات التوأم ، ومن أبرزها تلميذٌ ليس لديه شيء من الثقة بنفسه جراء تصرفات أبيه نحوه وتمييز أخيه عنه بسبب تفوق الأخير في الدراسة ؛ وهذا ما لاحظته في التطبيق العملي لتلك المادة ؛ حتى وقت وجبة الغداء يبتعد هذا التلميذ كما أخبرني عن أبيه ويقترب أخيه من والده في إشارة للمكانة الكبيرة التي يلقاه منه .

إن ما يجمع التوأم هو سن الولادة وأمور خَلقية ليس إلا ؛ ونادراً ما تتقارب الصفات الخُلقية والظواهر السلوكية .

بيد أنه يجب علينا فهم أن لكل منهما كيان منفصل عن الآخر في تفكيره وطريقة تقبله للجديد بل وطريقة تفاعله وردود أفعاله تجاه ما يجده في الحياة ؛ إذا أدركنا ذلك عاملنا كل واحد منهما كشخصية منفصلة غير مرتبطة بأختها ؛ فلا نطالب أحدهما بمالا يطيقه أو يستطيع فعله لأن أخاه قد أنجزه أو عمله ؛ لأن لكل منها طاقاته ومهاراته ومواهبه بل وعالمه الخاص الذي لا يستلزم تطابقه مع عالم أخيه .

ومن الممكن توظيف التطابق الخَلقي بينهما لزيادة المحبة و تقوية أواصر التعاون والألفة والعطف بين شخصيهما، مما يشكل ذلك روحاً أخويةً جميلة تزيد من تماسك أسرتهما وراحة بال والديهما أن توأمهما الحبيب قد اجتمع قلبيهما فيسهم ذلك في سهولة التعاطي مع حالتهما، كما يمكن توجيه هذا التطابق ليتعلم ويستفيد كل منهما من الآخر أحسن ما لديه .

ومن ناحية أخرى يتم ترشيدهما عن البعد عن استغلاله فيما يضر الأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ؛ إذ يحلو لبعض التوأم استغلال ذلك في التلاعب والتورية على الناس في أمور عدة يعرفها الجميع بحكم التطابق الخلقي .

ختاماً أشير إلى أننا بحاجة إلى ثقافة تربوية تتطلع للمستجدات لتنير لنا سُبل التعامل معها ؛ وما كتبته أعلاه لم يعطي الموضوع حقه أبداً لأن الكلام في هذا الموضوع يتطلب دراسات واستقراء من ذوي الاختصاص لكل الأساليب والطرق الناجحة من لدن أولياء أمور التوائم ؛وذلك لتلمس النافع المفيد منها وتقديمها كأنموذج لأفراد المجتمع في سبيل زيادة الثقافة التربوية والاجتماعية حتى نسير بأبنائنا إلى بر الأمان الذي نرضاه لهم .