منذ نعومة أظافري...وأنا أسمع تلك القصص التي تتناقلها الامهات عن الجدات تحكي لنا حياة الأميرات.

كنت أظن أنها مجرد حكايات حتى إلتقيتها.

كانت فتاة متوسطة الطول ، متوسطة الجمال في السابعة  عشر من عمرها تملك قوام جميل كساعة رملية.

ذات شعر حريري الملمس كستنائي اللون يتميز بأنه طويل جداً حتى أنه كاد يصل إلى منتصف ساقيها منسدل خلف ظهرها كذيل فرس أصيل ، وعينين عسليتين وبشرة بيضاء.

أنيقه ، جذابة ببساطتها، عفوية ، مسالمة ، هادئة بطبعها يطغى عليها الصمت أكثر من الكلام .

كانت حكايتها بالنسبة لي حكاية سندريلا مع إختلاف الأدوار وتشابه التفاصيل .

حياتها كانت عباره عن أمنيات تتحقق قبل أن تطلب. وأبسط هذه الأمنيات تلك الأزهار والورود التي تملأ أرجاء المنزل وتتبدل بإستمرار  قبل أن تذبل فهى عشقها الأبدي. 

تعلمت أن تحافظ على حدودها وأن لا تتخطاها ، نشأت على الخلق والدين وحكمتها العادات والتقاليد.

كل هذه المقومات جعلت منها فتاة تهتم لمشاعر الأخربن قبل أن تهتم لمشاعرها ، حياتها حُلم لا تود أن تصحو منه.

ولكن .........كأن لعنة قد حلت عليها عصفت بحياتها حولت ربيعها إلى خريف .

ففي أحد الأيام رن جرس الهاتف ، تناولت الأم الهاتف لتجيب وإذ بها إحدى قريباتها تدعوها  لحضور حفل زفاف إبنها على إبنة شقيقتها وهم أيضاً من الأقارب. باركت لهم الأم وتمنت لهم حياة سعيدة وشكرتها على الدعوة وأبلغتها أنها ستكون أول الحاضرين.

جاءموعد حفل الزفاف .....وهنا إنطلقت أول شرارة.

عند المساء توجهوا إلى مكان الحفل..

وفور  وصولهم  ترجلوا من السيارة وإذ بقريبتهم تقف  بالخارج مع شاب تتحدث معه  في أمرٍ ما ،  أقتربوا منها وحيوها فبادلتهم التحيه وعرفتهم على الشاب الذي كان يقف بجوارها ، أنه إبنها فلان لم يشح نظره عنها ولو للحظة حتى إستأذنوا  ليدخلوا إلى  قاعة الحفل.  استقبلهم الجميع بحفاوة وترحاب شديد كانت الفتاه بسيطة لم تسرف بزينتها إرتدت فستان أحمر طويل ضيق بلون الكرز وعقد من اللؤلؤ يشع ويتلألأ  حول جيدها وأقراط صغيره من الذهب والؤلؤ.

تركت شعرها منسدل على ظهرها .

لم تكن ليلة كباقي الليالي بل كانت الشراره الثانية، فقد عقدوا العزم على تزويجها من ذاك الشاب الذي لم يشح بنظره عنها.

عُقد القِران وكانت  الشرارة التى تسبق الدمار.

هنا تبدأ حكاية سندريلا مع عائلتها الجديدة والتي كانت كفيلة بأن تقلب حياتها رأساً على عقب .

بعد وفاة والدتها تغير مجرى حياتها لتصبح جارية بعد أن كانت أميرة ، ولحسن نشأتها و صغر سنها وقلة حيلتها وعدم خبرتها بالحياة كل هذه العوامل ساعدت على أن ترضخ وتستسلم وتساير الحياة الجديدة فلم يتبقى لها سواهم.

في حكاية سندريلا كان الأمير ينتشلها من الجحيم وفي حكاية فتاتي كان الأمير يسقطها في الجحيم.

أخبرتني أنها كانت تصلى كل ليله وتدعوا  الله باكيه راجيه متضرعة له أن يخفف عنها وطأة الألم فقد أدمى روحها .

وبعد عدة أعوام إلتقيت بها وبادرتها بالسؤال.

كيف حالكِ ؟!

فأجابتني قائلة والإبتسامة تعلو شفتيها : بخير طالما أن في الماضي ذكريات جميلة أحيا بها وفي الحاضر أشخاص أحيا من أجلهم.


                                                                  حنين