لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ رَبُّكُمۡ وَرَبُّ ءَابَآئِكُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ (8) بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلۡعَبُونَ (9) فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ (10) يَغۡشَى ٱلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ (11) رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ (12) أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكۡرَىٰ وَقَدۡ جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مُّبِينٞ (13) ثُمَّ تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ (15) يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ (16)


☪️التفسير التمهيدي (يجب أن تقرأ المفصل لأن التفسير به نقاش وإختلاف) :

💬(8): لا معبود لكم إلا الله الواحد الأحد فهو يحيي ما يشاء ويميت ما يشاء ، فهو مالككم ومالك من سبق من أبائكم وأجدادكم.

💬(9): الكفار ليسوا موقنين بما يقال لهم كالبعث وأن الله خالقهم ، بل ويستهزءون من سيدنا محمد (ص)

💬(10): فانتظر يوم تأتي السماء بدخان واضح

💬(11): يعمي الناس فقالوا هذا عذابٌ شديد

💬(12): فيقولون يا رب ارفع عنا العذاب ، فإن رفعت عنا العذاب سنؤمن بك و بنبيك

💬(13): بأي وجه لهؤلاء الكفار أن يدعوا وقد جائهم النبي بالوحىّ والرسالة الواضحة؟!

💬(14): ثم أعرضوا ورفضوا رسالتهُ وقالوا أن الشياطين او الجان أو البشر علموه - النبي - وأنه ليس برسول بل مجنون.

💬(15): سنرفع عنكم العذاب فترة قليلة فإنكم ستعودون لكفركم.

💬(16): يوم نفتك بهم وننتقم منهم أكبر إنتقام

☪️ التفسير المُفصل للآية 💬(10)

فالثابت أن دخان مشركين مكة حدث وأن دخان علامات الساعة سيحدث في المستقبل .. هذا ثابت ومسلم به ولا نناقشه ولا يوجد إختلاف حتى ، ولكن الخلاف في "الدخان" المذكور في الآية يشير إلى أي الدُخانين؟

1️⃣قال البعض أن الدخان المذكور في الآية حدث بالفعل وهو ما رأه أهل مكة حينما انتشر فيهم الجوع بسبب دعاء النبي عليهم وإستدلوا بهذا..

قالَ عبدُ اللَّهِ: إنَّما كانَ هذا، لأنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فأصَابَهُمْ قَحْطٌ وجَهْدٌ حتَّى أكَلُوا العِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلى السَّمَاءِ فَيَرَى ما بيْنَهُ وبيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَارْتَقِبْ يَومَ تَأْتي السَّمَاءُ بدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذَابٌ ألِيمٌ} قالَ: فَأُتِيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقِيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ: اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ، فإنَّهَا قدْ هَلَكَتْ، قالَ: لِمُضَرَ؟ إنَّكَ لَجَرِيءٌ فَاسْتَسْقَى لهمْ فَسُقُوا، فَنَزَلَتْ: {إنَّكُمْ عَائِدُونَ} فَلَمَّا أصَابَتْهُمُ الرَّفَاهيةُ عَادُوا إلى حَالِهِمْ حِينَ أصَابَتْهُمُ الرَّفَاهيةُ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {يَومَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إنَّا مُنْتَقِمُونَ} قالَ: يَعْنِي يَومَ بَدْرٍ. وهذا صحيح في البخاري ومسلم والترمذي وأحمد.

و قال ابن مسعود رضي الله عنه : فقد مضى خمسة : الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام.وهذا في صحيح البخارى وأحمد والترمذي والنسائي.

2️⃣ قال البعض الأخر أن الدخان المذكور في الآية من علامات يوم القيامة وأنه لم يأتي بعد وإستدلوا بهذه الأدلة..

في صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ونحن نتذاكر فقال: ((ما تذاكرون؟)) قالوا: نذكر الساعة قال: ((إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات)). فذكر ((الدخان والدجال والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تطرد الناس إلى محشرهم))

إذاً هناك دخان سيظهر مؤكداً وهو من علامات الساعة ، قد يكون الدخان ما قصده النبي في الحديث مختلف عن الآية لأن النبي لم يستشهد بالآية وحينها كان سينتهي النقاش للأبد.

 أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مر بابن صياد في نفر من أصحابه، فيهم عُمَر بن الخطابِ، وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة، وهو غلام، فلم يشعر، حتى ضرب رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟هره بيده، ثم قال : أتشهد أني رسول الله ؟ فنظر إليه ابن صياد، قال : أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال ابن صياد للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أتشهد أنت أني رسول الله ؟، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : آمنت بالله وبرسله، ثم قال : النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ما يأتيك ؟، قال ابن صياد : يأتيني صادق، وكاذب، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : خلط عليك الأمر، ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إني خبأت لك خبيئا، وخبأ له : { يومَ تأتي السماء بدخان مبين } (قال عمر بن الخطاب أن هذا ما خبأ النبي لإبن صياد) ، فقال ابن صياد : هو الدخ :، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : اخسأ، فلن تعدو قدرك، قال عمر : يا رسولَ اللهِ ! ائذن لي، فأضرب عنقه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إن يك حقا، فلن تسلط عليه، وإن لا يكنه، فلا خير لك في قتله ، رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب وهذا حسن صحيح في البخاري ومسلم.

البعض استشهد بكلمة "دخان مبين" أنه دخان واضح للجميع أما دخان أهل مكة فكان تخيل بسبب كثرة العطش والجوع ولم يراه إلا على أهل مكة فقط ، واستشهدوا أيضا بـ"يغشى الناس" ومعنى هذا أن الدخان حقيقي يعمي أبصار الناس أما دخان أهل مكة لم يعمي أبصارهم بالمعنى الحرفي ، واستشهدوا بما قاله النبي (ص) "إني خبأت لك خبيئاً" وهذا يعني ان الدخان كان وقتها في حكم المستقبل.

إذا أخذت برقم 1️⃣ فأنت تأخذ أن الدخان في الآية هو ما رأه كفار مكة بعدما دعى عليهم النبي.

وهذا ما أخذ به مجاهد والضحاك وأبي العالية ووعطية العوفي وإبراهيم النخعي والطبري.

إذا أخذت برقم 2️⃣ فأنت تأخذ أن الدخان في الآية هو الدخان الذي من علامات الساعة الكبرى.

وهذا ما أخذ به علىٌّ وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة والحسن البصرىّ وزيد بن علىّ