بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية وجب التنويه أن هذا النقاش قائم على تفسيرات علماء الإسلام صحابتاً كانوا أو تابعين أو العلماء الكبار في الإسلام.

وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا (4) فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا (5) ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا (6) إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُ‍ُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا (7) عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا (8) {الإسراء}

- استند المفسرون القدامى على الإسرائيليات (المسموح بالإستناد بها) في مرتين الإفساد ، واختلفوا في أول مره فالبعض قال أن الاولى قتل نبي الله زكريا (ع) والبعض قالوا أن الأولى قتل شعياء بن أمصيا ، ولم يختلف المفسرون في المرة الثانية وقالوا أن الثانية هي قتل يحيى بن زكريا (ع). [مرجع] تفسير الطبري {4}

{وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ} ، عن ابن عباس:فعادوا (للإفساد) فسلط الله عليهم المؤمنين (بخلاف المرتين). ، وهذا قول قتادة أيضاً. [مرجع] تفسير الطبري {8}

- اتخذ {ابن كثير} جانب مختلف ، أن الأولى حدثت .. عن ابن عباس وقتادة : سلط الله عليهم (جالوت) فقتل داوود (ع) جالوت. ، والثانية أيضاً حدثت بتسليط الله عليهم سيدنا محمد (ص) وأصحابه. [مرجع] تفسير ابن كثير آية {5} و {8}.

- قال {السعدي} أن المرة الاولى حدثت بالفعل وسلط الله عليهم أناس كفاراً ، والثانية حدثت أيضاً بتسلط الله للنبي الكريم والصحابة على اليهود. [مرجع] تفسير السعدي آية {5} و {8}.

- قال {القرطبي} أن المرة الأولى حدثت وسلط الله عليهم (جالوت) فقتل داوود (ع) جالوت ، وأن الثانية حدثت بقتل يحيى (ع) ، ثم إعتمد على رأي قتادة و ابن عباس بأنهم عادوا للإفساد مرة أخرى فسلط الله عليهم النبي والمؤمنين. [مرجع] تفسير القرطبي آية {5} و {7} و {8}.

- قال {طنطاوي} الذي عاصر احتلال إسرائيل لفلسطين أن الاولى حدثت وسلط الله عليهم جالوت ، والثانية حدثت فسلط الله عليهم (بتخنصر) ، وعادوا للإفساد فسلط الله عليهم النبي الكريم والمسلمين. [مرجع] تفسير الوسيط لطنطاوي آية {5} و {7} و {8}.

فلا خلاف بين العلماء فإنقسموا إما أن الله عاقبهم 3 مرات ، والأخرون قالوا أن الإفسادين حدثوا ولم يتحدثوا في إفساد أخر (وهذا الرأي كان لإبن كثير فقط لم أجد من يوافقه أو يناقشه).

بينما الشيخ الشعراوي (رحمه الله) قال في تفسيره لسلسلة الآيات أن المرتين الذان حدث فيهما الإفساد حدثت في فترة مجيئ الإسلام بسبب ورود كلمة "عبادنا" التي تميل إلى أن المُسَلَطين عليهم مؤمنين أكثر من كونهم كفاراً (طالوت وبختنصر كانوا كفاراً) ، مره منهما حدثت بنقض اليهود لعهدهم مع رسول الله (ص) والثانية ستحدث في نهاية الزمان (خروج اليهود الأخير من القدس) مخالفاً كتب التفسير.[مرجع] تفسير الشعراوي آية {4-7}.

ثم قال الشعراوي أن {وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ} : إن عادوا للإفساد عدنا للعقاب ، أيعني الشعراوي هنا العوده للإفساد الثاني؟ فإن قصد الإفساد التاني فهناك خلل في تفسيره لأن الإفساد الثاني له ميعاد محدد ، أم يقصد العودة لإفساد أخر غير الإثنان؟ وإن قصد إفساد أخر زائد فسيتفق مع باقي العلماء أنهم إفسادين أساسيين وكلما أفسدوا عاقبهم الله .. فيصبح عدد الإفساد الكلي غير معروف. [مرجع] تفسير الشعراوي آية {8}.

فالتفسير الاكثر قبولا بالنسبة لي وحسب السياق أن الإفسادين حدثا ومن ثم وعدهم الله بأن لو أفسدوا سيكرر ما حدث فيهم ولم يتقيد الأمر بعدد (بخلاف الإثنين الأساسيين) ، فكأنما الله قال لهم أنهم سيفسدون مرتين ثم قال لهم إن عدتم للإفساد عدنا عليكم بالخراب! وهذا رأيي ومبني على أراء الطبري والقرطبي وطنطاوي.