"الله يعطيني العافية"

.

.

.

أعتقد أن تقدير الآخرين وتقدير جهودهم أمران منفصلان، وأن من يقدّر نفسه ويعرفها يتمكن من التفريق بينهما والتقدير.

كما أعتقد أن امتنانك لنفسك نظراً لجهودك المباركة تدخّل فيما لا يعنيك، فالأمر توفيق إلهي، ليس لك على نفسك ولا على البشرية منّة ولا تستحق مكافأة عليها. أي شكر توجهه لنفسك هو من باب تحفيزها أو الطبطبة عليها.

-

تعلمت في وقت مبكر مسألة التقدير هذه، لتنتقل في مرحلة لاحقة إلى تقدير جهودي تقديراً مسموعاً : "الله يخليني لكم،" "الله يجزاني خير،" "الله يخليني لي،" "الله يمتّع بي، ولا يخليهم مني" وتدور في نطاق العائلة والصديقات حيث أوقن تفهمهم لهذا السلوك؛ لا يعدو كونه ملاطفة مع يقين أني استنفدت وسعي واستطاعتي مما تعلمه دائرتي الخاصة.

-

عملت لاحقاً مع شخصية سائلة، التقدير عندها ضرب من ضروب المنة التي تصرفها على الآخرين حال رضاها إذ لا يستحق أحد أن يقدّر على شيء وفقه الله لعمله وتحقيقه، عدا إن كان مليئاً وجيهاً صيّتاً شفيعاً، بيده مفاتح تنوء بحملها الحاشية.

في فترة عملت بكثافة تجاوزت الوسع، كان الهدف تحقيق مخرجات يعتمد عليها التخطيط لمشروع تالٍ، ابتدأتْ النقاش بطريقة أشعرتني أنها تنوي إلغاءه، فذكرت مختصراً لما فعلناه وزدتُ عليها ثم قلت وقد استبدّ بي الإرهاق وغلب طبعي على تجمّلي: " والله يعطيني العافية "

تنبهتُ لما قلتُ لما رأيتُ المفاجأة على وجهها .. يا للهول! إنه الموقف العلني لتقدير الجهود!

-

تبسّمتُ ضاحكة، ذهبت في حال سبيلي لتتبعني عبارات تشبه ما لستُ عليه، ليتوقف المشروع الذي شكرتُ نفسي عليه :)

-

كان الموقف خيرة لأتمكن أخيراً من الدعاء لنفسي علناً بعد كل جهد ثقيل وفقني الله له، وتعليمه طالباتي بعد أي محاضرة بذلنا فيها جميعاً ما لم نتوقعه من أنفسنا.

فالله يعطينا جميعنا العافية ويبارك لنا ويرضى علينا :)