تكررت عليّ هذه العبارة "الحياة القميئة" في شبكة الآسك ضمن أسئلة تُطرح على بعض من أتابعهم عليها. استوقفني كثيراً وصف الحياة بالقميئة، وصفها غالباً شاب أو فتاة لا يتعدى عمره السابعة أو الثامنة والعشرين.

"القميئة" كلمة مستوردة وإن كان لها أصل عربي، وهذه ظاهرة لغوية طبيعية حيث يُستورد المفهوم من لغة/ثقافة أخرى ويستخدم المتحدّث لفظاً من لغته لوصفه، ما يقلقني في هذه الظاهرة هو المعايير التي استجلبها مع هذا المفهوم.

أكاد أجزم أن مستخدمها تعرّف عليها من الروايات والأفلام المترجمة نظراً لسنّه ومصادر ثقافته، أي حتى منظوره لهذه الكلمة كان منظوراً مستورداً: يرى الحياة سيئة ومبتذلة وفقاً للسياق الذي تعرّف على الكلمة فيه.

بحثت عن العبارة في مصادر أخرى، وهالتني السوداوية التي وجدتها، سوداوية تصيب قارئها بالغثيان وهوية ضائعة يستحق كاتبها عليها الشفقة - بحق وليس ازدراءً. تتكرر هذه الظلاميّة بأشكال مختلفة مُقلقة. شباب يافع وفتيات كالزهور يُزهقون أرواحهم الفتيّة بنصوص بائسة عن قيود الأسرة وانحدار المجتمع ونيران الحروب والصراعات وأسئلة الحياة ومحاولات الهروب إلى اللاشيء.. 

لا أعرف الكثير عن كُتّاب تلك النصوص، إلا أن معظم مبررات وصفهم الحياة بالقميئة ذات منطلقات غير متزنة؛ فإما أنها مادية أو قاصرة ليست ترى أبعد من حاضرها وقد ابتعدت عن مصدري ضبطها: الوحيين.

ما أتفكّر به هو كيف أن الله رحمنا بوضعه معايير الحياة المطمئنة وكيف تؤول لتكون ضنكا (القميئة بروايتهم) ضمن  دين واضح المعالم، ووضح لنا أدوارنا ولم يحمّلنا ما لا تطقيه نفوسنا ولا أجسادنا ولا عقولنا. مهما اختلف جنسك وزمنك وثقافتك: الإطار الإلهي المُلزَم واحد.

لن يدلّ أولئك على مدى "قماءة" وصفهم الحياة كما سيدلهم عليه الموت، الانقطاع الذي ليس بعده تراجع، ولم يعد للأسف ميّت ليخبرنا قيمة الحياة بالنسبة للموت، إلا أن وجوه الأحياء في كل عَزَاء تحكي كلَّ شيء.. تفكّر بالآية "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً" | سورة الملك، وستجيبك.