كانت بلاد الرافدين  العظيمة ومنذ الازل مقرا للإنسانية ومنطلقا للبشرية , ومجمعا للأقوام والاعراق , ومهدا  للحضارات والديانات , فهي بلاد العظمة والملاحم والاخلاق والمكارم , ولا غرو في ذلك فالعراقيون هم صنائع الانانوكي و ابناء الالهة واحفاد الانبياء والاوصياء , فمنهم بدأت حكاية الحضارة الانسانية واليهم تعود .

قاتل الله السياسة والطائفية والعنصرية والامراض والعقد النفسية والاجتماعية والمصالح والاطماع الضيقة ؛ والتي تفسد صفو العلاقات الانسانية وتقطع حبل الروابط البشرية والاواصر القومية والدينية واللغوية والثقافية والتاريخية والجغرافية الايجابية , اذ طالما افسد الاعداء والغزاة الخارجيين و الساسة المشبوهين ورجال الدين الدجالين والعملاء المنكوسين مشاعر المحبة والجورة والاخوة الانسانية , وعكروا اجواء الجمال والمودة والاحسان , واشاعوا الكراهية والبغضاء والشنان والحقد والنعرات العنصرية والمناطقية والطائفية والفئوية بين الناس ؛ وذلك من اجل تدمير الوطن والمواطن .

يطمح العراقيون الاصلاء بعد عذابات القرون الطويلة والعقود السوداء والسنوات العجاف ؛ الى امة المواطنة الحقة , والهوية الوطنية الاصيلة التي لا تشوبها شوائب العقائد المتكلسة والرؤى السوداوية والأيدولوجيات المنكوسة , والعنصريات الهجينة والطائفيات الحاقدة والاجندات السياسية الخبيثة , كي يعيش الشعب بلا الام وشقاء , وبؤس وبلاء , وكراهية وبغضاء , ويرتاح الجميع من الفتن الدينية والنعرات الطائفية والامراض العنصرية والعقد الاجتماعية .

قد يتكلم البعض بالطائفية الا انه غير طائفي وقد لا يتفوه البعض بالطائفية الا انه طائفي الى حد النخاع , فالعبرة في  هذا الامر , ومقياس الحق والفصل بين الاثنين ؛ ان الاول يشرح الطائفية ويضع النقاط على الحروف من اجل تصحيح المسيرة وتغيير السيرة والاعتراف بالأخطاء وتصحيحها ثم الانتقال الى مشروع الامة العراقية العظيمة ؛ بينما يعمل الثاني على عرقلة كل الحلول الجذرية والوقوف بوجه المعالجات الحقيقية وترك الامو على ما هي عليه ؛ ليزداد الامر سوءا بمرور الايام ؛ اذ ان تجاهل المشكلة لن يساهم في حلها ؛ فالطائفة والقومية ليست عيبا او نقصا ؛ انما الخطر يكمن في الروح الطائفية الشريرة والنعرة القومية العنصرية . 

ولقد تعودنا على مر العقود رؤية أكثر الطائفيين تطرفاً يشتكون من الظلم الطائفي الواقع عليهم من خصومهم ، مدعين أنهم الطائفة المسكينة المظلومة والمهددة ؛ لكنهم في الوقت نفسه يدعون ويحرضون على ظلم خصومهم وارتكاب أكبر قدر ممكن من الانتهاكات ضدهم. وفي أحسن الأحوال يتجاهلون ما يتعرض له خصومهم أو يرونه ردة فعل طبيعية مبررة تماماً ...!! 

ومن هؤلاء المتطرفين من يمارس خطابه بشكل مكشوف، وهناك من يمارسه بشكل مبطن... ؛ وكما هي عادة الأسواق، فالعملة الرديئة تطرد العملة الجيدة. ونتيجة لذلك، يبدأ الناس بالخوف والتشكيك في كل من يفتح موضوع الطائفية. ويتساوى لديهم القلق من الطائفية والمدافع عنها والمهاجم لها ... ؛ وهنا يختلط الحابل بالنابل ويصبح الاخضر بسعر اليابس كما يقول المثل الشعبي العراقي . (1)

الا ان غيارى الاغلبية واحرار الامة العراقية ؛ يصرون على فتح هذه الملفات الحساسة , واجراء العمليات القيصرية المؤلمة والتي تؤدي الى العلاج والتشافي فيما بعد ؛ كي لا تتدهور الامور وتنفجر الاوضاع  على حين غرة ؛ ولابد من تثقيف الناس وتنبيهم الى مخاطر الدعوات الطائفية والقومية والعنصرية والمناطقية ؛ فالمجتمعات والحكومات التي تتسم بالطائفية والعنصرية والدعوة القومية تعيش ازمات داخلية حادة ؛ مؤهلة للانفجار في أي لحظة ؛ وهذه المجتمعات يتم فيها تغذية مشاعر الكراهية وحالات الظلم والتمييز والعنف والاقصاء والتهميش ؛ بحيث تكاد لا تسلم  منها طائفة او فئة من الطوائف والفئات ؛ فالجميع خاسرون والكل متوترون وحانقون ولكن بدرجات متفاوتة  .

وان ارادت الحكومات والنخب العراقية والقواعد والفئات والطوائف والجماعات الوطنية والحركات والاحزاب والتجمعات المحلية ؛ العيش بسلام و وئام ومحبة ومودة ؛ فعليها العمل ومن هذه اللحظة على ما يلي :

  • 1-تفريغ البلاد من الاجانب والغرباء والدخلاء والعوائل ذات الجذور الاجنبية والاصول غير العراقية وتعويضها بشكل عادل وبالطرق القانونية والانسانية .
  • 2-منع التجنيس واسقاط كل عمليات التجنيس التي جرت خلال العقود المنصرمة لاسباب طائفية وعنصرية وقومية مشبوهة .
  • 3-اصدار هويات وطنية موحدة من دون ذكر المذهب او الديانة او اللقب العشائري او العائلي ؛ والاكتفاء بالاسم الرباعي ومدينة الولادة او السكن فقط .
  • 4-حذف المقررات الدراسية وفي كل المراحل ؛ والتي تتحدث عن الفوارق الدينية والطائفية بين الناس ؛ وان صعب الامر فلا أقل الاقتصار على النصوص الدينية التي تدعو للوحدة والتسامح والانسانية ؛ او الاستعاضة عن الدروس الدينية بالأخلاقية .
  • 5-منع كافة وسائل الاعلام الخاصة والعامة التي تتحدث بالفوارق الدينية وتغذي النعرات الدينية والقومية والعنصرية والمناطقية وتسيء الى الاقوام والاعراق والفئات والجماعات الاجتماعية . 
  • 6-التركيز على غرس التربية الوطنية والهوية العراقية العظيمة في نفوس المواطنين كافة وفي مختلف مرافق الدولة العامة والخاصة . 
  • 7-وانزال اقسى العقوبات بما فيها سحب الجنسية للمواطنين من ذوي الاصول غير العراقية ؛ من الذين يعملون على اثارة الفتن الدينية والقلاقل الطائفية والنزاعات القومية والمناطقية , وبث مشاعر الكراهية والعنصرية بين الناس . 
  • ............................................................................
  • 1-كلام طائفي بلا طائفية / جواد طاهر البغلي / بتصرف .