يجب على السياسي الذي يروم النجاح وتحقيق الاهداف الوطنية , مراعاة الامكانيات المحلية والتحديات الداخلية ومعرفة المقدرات الوطنية والطاقات البشرية , والنظر بعين الاعتبار للتوازنات الدولية والضغوط الخارجية , والعمل بمنهج السياسة فن الممكن ؛ اذ لا يستطيع الخروج من دائرة الممكن السياسي بتاتا ؛ الا ان هذا لا يعني ارتهان السياسي الى هذه المعادلة وعدم الخروج منها دائما وابدا ؛ اذ يجب عليه السعي الحثيث لبناء الرؤية الاستراتيجية المستقبلية الممكنة والقابلة للتحقّق وفهم التحديات والفرص الراهنة واستغلال نقاط الضعف لدى الاخرين  ؛ والبدء بتحديد معالم المستقبل المأمول ومتطلباته وشروط الوصول إليه ؛ فالسياسي الناجح لا يكتفي بفهم الواقع والتماهي مع تحدياته وضغوطه والقبول بمخرجاته وتداعياته ؛ بل يتخطى الحدود التقليدية و يسعى لتكوين رؤية مستقبلية زاهرة ويبني الجسور التي تمكنه من تحقيق  تلك الاهداف الوطنية المستقبلية ؛ نعم لابد للساسة الوطنيين والقادة المحليين من العمل على الانعتاق من كافة القيود الدولية والاصر والاغلال الخارجية ؛ للنهوض بالواقع والعمل على إزالة العوائق التي تحُول دون ذلك , فالسياسة لا تنحصر بالحنكة والمرونة والمناورة والتحليل والفهم فقط ؛ وإنما يجب أن تكون بدرجة أولى "نضالًا وابتكارا" مستمرًّا لتحدّي الظروف المعطلّة للتغيير الايجابي والنهوض والتنمية والتطور؛ والتحديات والضغوط الخارجية والتهديدات الدولية ، وكسر "المستحيل"، وتحويله إلى واقع ؛ ورفع العراقيل الداخلية والخارجية التي تحاصر السياسي الوطني ؛ نعم على السياسي الناجح احيانا تجاوز حتى مبدأ (( السياسة فن الممكن )) لاسيما اذا لم يعدْ هناك "ممكنٌ" في السياسة ؛ ، والدفع عوض ذلك نحو منهج "النضال والابتكار" والرؤية المستقبلية الواعدة ؛ من أجل تحويل الضّروري إلى "ممكن" وصيرورة التطلعات والآمال  النظرية الى وقائع ومكاسب ومصالح واقعية ، عبر تجديد الأشكال النضالية وتغيير العقلية السياسية التقليدية ومحاولة الابتكار السياسي وطرح نظريات سياسية جديدة تعالج التكلسات السياسية الدائمة والازمات المستمرة ، ونبذ خطاب "الانحناء للموجة القوية أفضل من التصدي لها"، والتصدّي لمحاولات التسويق لصفقات سياسية انتهازية على حساب المبادئ والمصالح الوطنية السامية ؛ فالانحناء بصورة دائمة قد لا يعني سياسة فن الممكن بل قد يعني الانهيار والدمار , وعليه لابد للسياسي الناجح من مراعاة الامرين معا ( سياسة فن الممكن والايمان بالرؤية المستقبلية والتحرر من قيود الواقع المكبل والعمل على تغييره وقلب المعادلات السياسية الخارجية لصالح الوطن والمواطن ) .