منذ بضع سنين ( عجاف ) وبلا مقدمات تحذيرية ، تَحوّل في واقعنا الفلسطيني المحزن المبكي ، الحلم إلى كابوس ، و الفصيل أو التنظيم إلى ما يشبه العصابة والمافيا ، والفقر إلى مدقع ، وتفاقم البؤس وتجذرت المعاناة ، والوحدة الوطنية إلى ماض وحنين لن يتوقف ، والكذب على الجماهير والاستخفاف بعقول الناس وتسفيه آمالها وأحلامها إلى دستور وقانون وعمل مبرر لا حرج فيه ، والهزيمة النكراء إلى نصر مؤزر ، و بقايا الوطن – رغم وجود الاحتلال – إلى ( حارات وحواكير !! ) ، و السلطة إلى ( كعكة ومنتهى الأمل !! ) ، والدين إلى ( سلعة وسلم وتجارة لن تبور !! )
ورغم قتامة الصورة وضيق الأفق ، يزعم بعض المستغفلين لنا – وهم كثر – بأن تحريرا لفلسطين وخلاصا لشعبها قد حان أو اقترب !!! .
أما في عالمنا العربي ففجأة وبلا مقدمات تحذيرية ، أًريد لبعض الشعوب العربية أن تستفيق من غفوتها الطويلة واستكانتها المهينة لجلاديها ، والتي دامت قرونا طويلة - اقصد منذ الانقلاب الأموي الذي قاده ابن هند لا رضي الله عنه - لتتذوق طعم ( الحرية والديمقراطية والكرامة !! ) على إيقاع موسيقى الجاز والروك اند رول !! .
وظل شطرا كبيرا من شعوبنا غافيا ومخدرا وخارج ( إطار اللوحة ونطاق اللعب ) رغم تشابه ظروف المعاناة والقهر وذلك لأن كاتب السيناريو والمخرج أدركا فائدة وغاية ما لذلك في نفس يعقوب !!
وتقدم ( سدنة المعبد المزيفون ) الذين جرى إعدادهم بعناية فائقة منذ عقود طويلة خلت لتنفيذ الدور المطلوب منهم واختطاف البطولة وتصدر المشهد !!
تقدم ( سدنة المعبد ) الممثلون الرئيسون منهم وقطيع الكومبارس الملحقون التابعون عندما حان الموعد وفقا لإشارات متفق عليها و بناء على تعليمات خاصة تصل ويفهمها الكهنة الكبار فقط ، إشارات و تعليمات مصدرها ومنبعها قوى الاستكبار العالمي و أعداء الأمة الذين سعوا سابقا جاهدين ولا زالوا للحيلولة دون حصول ثورات غير متحكم بها وخارج نطاق السيطرة ، ثورات حقيقية تقود حال حصولها لوصول مخلصين و وطنيين شرفاء لقمة هرم السلطة في بلداننا ، ثورات تنتج تحررا حقيقيا للوطن والإنسان والإرادة السياسية ، ثورات تخلصنا من الاستبداد وسطوة الجلادين دينيين أوغير دينيين وكذا الهيمنة والتسلط الأجنبي وهو ما يعد مقدمة ضرورية لا غنى عنها لتحقق النهضة في بلداننا المنكوبة منذ قرون .
ما حصل ويحصل مؤامرة خطرة محبوكة جيدا و بداية مشوار الإلهاء والإغراق والتيئيس ، مشوار نهب و تضييع وإفقار وتدمير مقدرات أوطاننا ودولنا الرئيسة المحورية كمصر وسوريا و تقسيمها وتقطيع أوصالها و إرهاق جيوشها و إدخالها في متاهات لا أول لها ولا آخر ، وكل ذلك باسم الثورة والحرية والكرامة أو تطبيق الشريعة ومكافحة الكفر و نشر الدين !!
وأخشى ما أخشاه أن نشهد بعد تحقق ذلك السيناريو الرهيب المعد سلفا – لا سمح الله – ردة شاملة وكفر بواح بكل القيم الوطنية والدينية على وجه الخصوص ، عندما يكتشف الناس البسطاء والعاديون حجم التضليل والخداع الذي وقعوا ضحيته ، فمن تصدر المشهد ( تاجر رخيص بالمقدس أو ماسوني مدسوس ) تصدره وهو يلبس رداء الملاك الطاهر المنقذ وطفا على السطح ليس باختيار واع عقلاني بل بعاطفة دينية جياشة يغذيها بؤس وفقر وفساد وإعلام شيطاني وهابي خطير يستغل توق الجماهير إلى التغيير والخلاص !!! .
ملاحظة : هذا مقال قديم لي ، كتبته منذ سنين خلت ، ولأن بعض المقالات لا تفقد قيمتها بمرور الوقت أعيد نشره مجددا .