لو بصينا ببساطة على الفرق بين الاغتصاب أو هتك العرض من ناحية، ومشاركة الجنس من ناحية تانية، فالمسألة قتلت بحثًا واستقرت في الأعراف والقوانين بأنها مسألة الرضا، ومشهد أحمد زكي المشهور بتاع القلم والدواية في فيلم ضد الحكومة كأشهر الكليشيهات اللي بتأكد الموضوع ده، - بعيدًا عن مغالطتها إن بتتابع استخدام القوة بتفقد الضحية قدرتها على التحكم في جسدها وده مش موضوعنا في البوست ده على أهمية الفكرة والمفهوم -.
بل الموضوع انتقل من الإكراه - الإجبار وعكس الرضا - في مفهوم محكمة النقض بإن المفاجأة وحدها كافية لنفي عنصر الرضا كأحد مسببات عيب الإرادة "فيه حكم نقض شهير في قضية هتك عرض عرضت للنقطة دي".

بتشابه المقدمات تشابهًا كبيرًا في نوع الفعل، فالفرق بين التحرش من ناحية والمغازلة أو محاولة التعارف من ناحية أخرى بتتمثل برضه في الرضا.
يعني المسألة لو افترضنا انها عرض وطلب، فانت عرضت عرض سليم لا يحتوي على أي إكراه أو مظهر من مظاهر استخدام القوة، وهي رفضت العرض وانت بعد اللحظة دي اتكلمت كلمة واحدة تدي أي إيحاء فده تحرش.
لإن التحرش لا يشترط أن يمتد للتلامس الجسدي، اللفظ أو الإشارات ذات الإيحاءات تحرش وده أمر مستقر ومش موضع جدال وثابت في القانون المصري والقوانين المقارنة.

- معنى كده إن البنت هي اللي تحدد هل ده تحرش أو لا؟
جوهريًا آه، لكن السؤال لو أنا حسن النية، وكنت رايح اتكلم بكل بساطة وأدب إيه يضمنني إنها ما تأفورش وتتهمني بالتحرش زي الولد بتاع On The Run؟

الحقيقة هي البنت اللي اتعرضت لموقف on the run ما أفورتش ولا حاجة، الولد متحرش.
* إزاي؟ كل اللي عمله إنه طلب يعزمها على قهوة؟
ده كلام مش صحيح، وتبسيط مخل للحوار اللي حصل، وهلتزم بالحوار اللي دار في الفيديو لا أكثر ومش هتكلم عن محاولاته سالفة الذكر قبل التصوير.
زي ما اتفقنا الموضوع عرض وطلب، بس المهم يكون العرض زي ما سبق وشرحنا سليم، مفيهوش إكراه أو إيحاء باستخدام مظهر من مظاهر القوة.
هل هو عمل كده؟
اه، لما أقول لبنت : "ما تيجي بدل ما الناس بتعاكسك / بتضايقك نقعد سوا ونشرب قهوة"
العرض هنا منطوي على نوع من أنواع المساومة، واستدعاء مفهوم اليد العليا وهو ان يا الناس دي كلها تضايقك، فيلا نقعد سوا.
وده كان واضح جدًا من فيديو تاني لنفس الولد لما راح يعزم على أجنبية يشرب قهوة ما استدعاش لفظ زي ده ولا جاب سيرته، كان عرض واضح وسليم ومباشر.
المساومة في العرض ده له لفظ عامي اسمه شقط، وأي شقط هو في الأصل تحرش، ما لم تتجاوز عنه المعروض عليها، وفيه مبدأ منطقي النتائج اللاحقة لا تصحح الأخطاء السابقة، إنما ده بيكون من قبيل التجاوز والتصالح.

البنت لارج وبتلبس كذا وبتعمل كذا وطالما عايزة تعيش بمفاهيم أوروبا لازم تقبل تتعامل بطريقة أوروبا؟
كان فيه مشهد مميز في مسلسل هاوس أوف كارد، حبيبة وسكرتيرة عضو بالمجلس لما جالها فرصة عمل تانية وطلب منها وهما مع بعض تفضل، قالت له لازم تعرف ان ده مش من قبل سلطتك عليا، أنا عايزة اقعد واكمل معاك لإني عايزة.
عنصر المساومة والسلطة من أهم المفاهيم في ثقافات الغرب في العلاقات بين الطرفين، ولما تقولها تعالي أما أحميكي من الوحوش اللي بره دول بالطريقة دي فهي هتسففك التراب حرفيًا :D

النقطة التانية والأهم فيه مبدأ منطقي بيقول كل حكم منزوع عن سياق وقائعه لا يعول عليه.
يعني إيه؟
يعني ما ينفعش وأنا بحاول احكم على موقف انتزعه من الظروف المحيطة بيه واحكم عليه.
مش فاهم برضه؟
يعني لو عايز تحكم على الموقف بأخلاقيات أوروبا بفرض سلامة العرض السابق وانه ما استخدمش إيحاء سلطوي أو فيه يد عليا؟

عشان تعمل كده لازم توفر مناخ سليم جدًا للعلاقة دي، بمعنى إنها تضمن إنها لو قالت آه، مش هيرجع ويقول دي ******، شقطتها وجت معايا بالساهل، لانك عايز تتعامل بأخلاقيات أوروبا، لازم السياق تمًا يكون متحد المقدمات والنتايج، الأحداث والعواقب، لإن الحدوتة ما بتتجزأش.

* "ما هو لو الشاب وسيم و و و و "على هواها يعني" هتوافق!

طب ما ده طبيعي هو انت اللي هتبقى طرف في العلاقة ولا هي، فهي حرة فعلًا تختار، دي حياتها هي، يعني انت فيه حد أجبرك تقول آه على علاقة مش عايزها؟

* لا قصدي إنها ممكن تكون طبقية، عنصرية بلا بلا بلا بلا.
الحقيقة بفرض ده فأنت ملكش حق تلوم حد ع قناعاته طالما القناعات دي هو استخدمها في تطبيق حق شخصي، يعني لو حد طبقي أو عنصري رفضك لوظيفة - مع تثبيت باقي العوامل الوظيفية - ده مش حقه، رفضك تستخدم مرفق عام ده مش حقه، رفض يخرج معاك أو يكلمك .. للأسف هو استخدم حقه وإن كان بشكل متعسف في نظرك.
غير إن القناعات الخاطئة مش هتعاقب أصحابها بانتهاك حقه - باستخدام قناعات مش سليمة.
النقظة الأهم يا أخي، هي عنصرية وطبقية تروح تصاحبها ليه ولا تخرج معاها ليه؟ انت مازوخي يا ابني وعايز حد يهزأك ؟ :D

* طب ما ممكن تكون البنت هي اللي غلطانة وتعدت عليا، ولما جيت آخد حقي قلبتها نسوية وحقوق المرأة!
فيه معيار لطيف جدًا بستخدمه في تعاملاتي اليومية، لو انت ارتكبت فعل شاكك هل هو تعدي على حق امرأة ولا لا؟
شيل الست من الموقف وحط راجل، واسأل نفسك هل لو الراجل مكان الست دي كنت هتتخذ نفس الموقف ونفس الفعل؟
لو آه، اسأل نفسك تاني، هل اللي قولته فيه تعدي على جنس المرأة نفسها؟
يعني لو صاحبك هتشتمه بأمه - لا كده مش صح حتى لو بتشتم صاحبك نفسه -
ذكرت جزء من الجسم - لا مش صح حتى لو كنت هتذكر جزء من جسم صاحبك نفسه -

طب اشمعنى فيه تحرش بالمرأة ومفيش العكس؟
الحقيقة ده نابع من الوضع السائد بالمجتمع وتوفر مساحة القيادة والأولوية للرجل، يعني في المطلق التحرش موجود للاتنين، لإن التحرش هو اقتحام مساحة خاصة للشخص بالقول أو الفعل أو الإيحاء وساد التصور أنها مرتبطة بالإطار الجنسي لأن ما عداه بيأخذ صور أخرى كالإهانة والسب وما شابه ذلك.
لكن بوضع القيادة فيه للراجل، أي رجل هيستشعر بالتحرش ده، يعني أنا مش عايز .. لو صرح بيه هيعتبروه من نواقص الرجولة، يعني هي جت لك وانتَ مش عايز؟
وفي صورة أخرى هو كشخص متولي القيادة بإيده يرفض فعليًا، بالإضافة إن القانون المصري اللفظ جاي فيه على إطلاقه بـ كل من وما حددش جنس.
وفي الغرب الموضوع ما بيفرقش وفيه وقائع كتير حصل فيها تحرش بين رجل ورجل أبرزها واقعة لاعب البيسبول تيدي كروز، وواقعة جيمي بينت وآسيا ارجنتو.

* طب هما بيعملوا كده عشان عايزين شهرة؟
والله نتائج الواقعة خير دليل، شهرة مين اللي بنت هتاخدها من تعرضها لتحرش ولا اغتصاب في وسط الراجل ما بيعيبوش فيه إلا جيبه وبعد ما اتحرش بقى نجم إعلانات يا ابني.
وبعدين لو الشهرة بتيجي بوقائع التحرش بأرقام مؤسسات الحكومة نص ستات البلد هيبقوا Public Figures.

* طب ليه الهيصة دي، فيه وقائع أشنع من دي وما خدتش حقها!
موضوع الهيصة عمره ما كان بإيد حد، ومش معنى إن هيصة حصلت في موضوع إن غيره ما يستحقش، الغلط غلط، والتحرش تحرش، بس الفيسبوك الوقائع فيه عاملة زي رمية الزهر يا تصيب وتنتشر، يا تنزوي وتاخد جنب، وده عمره ما يقلل ده ولا ده عمره ما ينفي ده، هي مجرد تزامن رؤية مجموعة كبيرة من الأشخاص لذات الشيء والرغبة في تعليقهم عليه في الوقت نفسه.

* طب اللي بيتكلموا عن الـ ...
لو اللي بيتكلم خالف القواعد الرئيسية الخاصة بحق كل طرف والآخر - ولا ادعي انها في البوست بس ممكن تقرا وتدور وجوجل مش بعيد - ما تبقاش تمشي وراه.

ده جزء من وجهة نظري، ولسه فيه كلام كتير أوي ما جمعتوش، وحبيت أقولها من باب التنفيس لا أكثر، فوارد ما ذكرته يكون تبسيط مخل، عادي احنا مش في امتحان، ولا بنحضر حكم محكمة.
مجرد مع وجود أجازة العيد ومساحة للفضفضة، في جو من تسويغ القبح وتكريم الجناة لأن كما قال أحد كبار الماركتنج اللي مش فاكر اسمه، الشهرة عملة، لا يختلف أصلها كان طيبًا أو سيئًا، امنحني شهرة سيئة وأنا كفيل بالاستفادة منها.

وختامًا، كلنا نفسنا العلاقات تبقى سهلة، وناس بحسن نية اعتقدت إن اللي اتعمل مجرد عرض ساحر لطيف، لكن ده مش حقيقي،وفي جو موبوء زي ده الدنيا بتتعقد، لكن مع كل تعقيدة حاول ترجع للتعريف عشان تعرف انت صح ولا غلط، الناس ليها حقوق ومساحات وقبل ما تفكر عايز إيه؟ اسأل نفسك صنت الحق واحترمت المساحة ولا لا، وحط نفسك مكان غيرك بس، وشوف.