الحبل الناظم في كتاب الله هو عمارة النفوس بالله : (ومن أعجب مواضع القرآن في ربط النفوس بالله وعمارتها بربها ، ولا أظن أن ثمة دلالة أكثر من ذلك على هذا الأمر : صلاة الخوف حال الحرب ، هذه الشعيرة تُسكب عندها عبرات المتدبرين ، وقد تكفل القرآن ذاته بشرح صفتها ، وجاءت في السنة على سبعة أوجه معروفة تفاصيلها في كتب الفقه ، بالله عليك تخيل المسلم وقد لبس لأمة الحرب ، وصار على خط المواجهة ، والعدو يتربص ، والنفوس مضطربة قلقة ، والأزيز يمخر الأجواء ، والدم تحت الأرجل ، ومع ذلك لم يقل الله دعوا الصلاة حتى تنتهوا بل لم يقل : دعوا صلاة الجماعة ! وإنما شرح لهم كيف يصلوا جماعة في هذه اللحظات العصيبة (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلتَقُم طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَليَأخُذوا أَسلِحَتَهُم فَإِذا سَجَدوا فَليَكونوا مِن وَرائِكُم وَلتَأتِ طائِفَةٌ أُخرى لَم يُصَلّوا فَليُصَلّوا مَعَكَ وَليَأخُذوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم) ، هل تعرف في الدنيا كلها شاهد على حب وتعظيم الله جلَّ وعلا للارتباط بالله واستمرار مناجاته أكثر من ذلك ؟!

بل هل يوجد رجل فيه شيء من الورع وخوف الله يهمل صلاة الجماعة وهو في حال الأمن والرفاهية وعصر وسائل الراحة ؛ وهو يرى ربه تعالى يطلب من المقاتلين صلاة الجماعة ويشرح لهم تفاصيل صفتها بدقة ، وهم تحت احتمالات القصف والإغارة ؟!

هل تستيقظ نفوس افترشت سجاداتها في غرفها ومكاتبها تصلي ((آحاداً)) لتتأمل كيف يطلب الله صلاة ((الجماعة)) بين السيوف والسهام والدروع والخنادق ..؟!

أترى الله يأمر المقاتل الخائف المخاطر بصلاة الجماعة ، ويشرح صفتها في كتابه ، ويعذر المضطجعين تحت الفضائيات ، والمتربعين فوق مكاتب الشركات ؟! هل تأتي شريعة الله الموافقة للعقول بمثل ذلك ؟!

كتبه الشيخ : إبراهيم السكران -ثبّه الله- في كتابه الطريق إلى القرآن ص٩٠