ذكر الشيخ إبراهيم السكران -ثبّه الله- في كتابه ''الطريق إلى القرآن'' فصلاً بديعاً عن منازل الأشعَرِيّينَ ختمَه بقوله : (والمراد أن من تأمل اهتمام النبي ﷺ تجاه مصدر الصوت بالقرآن في الليل حين قال : ((إنِّي لأعرف منازل الأشعَرِيِّين باللَّيل من أصواتهم بالقرآن)) ، وحين قال لأبي موسى : ((لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)) ، ومدح النبي ﷺ لشريح الحضرمي بأنه ((لا يتوسَّد القرآن)) وتنزل الملائكة كأنها المصابيح حين أخذ أسيد بن حضير يرتل سورة البقرة بالليل ، ومدح الله لأولئك القوم بأنهم ((أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيلِ)) .. إلخ ، من تأمل ذلك كله ، فهل سيبقى ليله يتصرم في سهرات ترفيهية مع الأصدقاء ، أو تصفح الترهات الفكرية ومقاطع اليوتيوب على شبكة الإنترنت ؟! هل سيرحل أكثر اليوم وليس فيه إلا انهماك في تتبع تعليقات غير نافعة على شبكات التواصل الاجتماعي ؟ هاهو العمر يمضي والناس من حولنا لا يمضي أسبوع إلا ويقال : أحسن الله عزاءك في فلان ، فهل يا ترى سيفنى العمر هكذا في الفضول والترفيه ونحن لم نتذوق حلاوة كتاب الله آناء الليل ؟

ص ٣٦