لقد إعتدنا أن نكون مقرّبيْن ،إعتدت أن تتّصل بي كلّ يوم و أعتدت أن أجيبك بعد 5 مكالمات على الأقل ، الكلّ يعلم و أنت أوّلهم أنّي أهمل هاتفي كثيرا ، كنت تغضب ، لماذا تشترين هاتفا مادمتي تهملينه بهذه الطّريقة ؟ تخاطبني بعصبيّة متصنّعة ، أذكر أنك تحب تعلّم اللغات ، لطالما كان حوارنا مزيجا من العربيّة و الإنچليزيّة ، لكنّك لا تتحدّث الفرنسيّة إلاّ قليلا ، تقول إنّها لغة الرّومنسيّة و هي شيء لا يصلح بأشخاص مثلنا ، نحن نفعل ما يفعله المتحابّون لكن بنفسٍ آخر ، أجمل و أسمى ، نحن نتهاتف ، أو كنّا ،كنّا نتهاتف لما يقارب 3 سعات و لا نملّ ، كنت توقظني للصّلاة ، و كنت أسمعك الورد القرآنيّ اليوميّ ،كنت تخبرني عن سلسلة أفلامك الجديدة و كنت تنعتني بالغبية لتفضيلي الكتب على الأفلام ،و مع ذلك تسألني في آخر ساعات اللّيل عن آخر كتاب قرأته ، و كم أسعد إذا ما طلبت منّي عنوانا لأحد الروايات حتّى تقرأها ،لكنّك لم تعد تخبرني اليوم عن تفاصيل مملة كانت مشوقة لي في الماضي ، لم أعد أعلم أي الأفلام تشاهد و لم أعد أجهز قائمة بأسماء الكتب التي أقرئها حتى أمدك بها في ساعات الليل المتأخرة ، ،إن اللّغة العربيّة معجزة حقا ، إستطعت اليوم أن أفهم لماذا "كان و أخواتها " تسمّى أفعالا ناقصة ، فقرائة الكتب من دون أن أخبرك بعناوينها هو فعل ناقصا ، قرآئة الورد القرآني من دون إستماعك لي ، فعل ناقص ، القيام للصّلاة من دون أن توقظني فعل ناقص ، أنا ناقصة بدون صداقتك .

سألني أحدهم يوما لماذا أتعلّق بالصّداقة ؟ ربّما لأنّه لا توجد حدود في الصّداقة ، لا خوف ديني و لا إجتماعي ، لا كبرياء في الصداقة ، لا ينام أحد أطرافها مغتاضا أو حزينا،لا إرتباك بين الأصدقاء، لا دراسة ذهنيّة لتصرّفات و لا لكلمات ، لا بودرة على الوجه ، كل شيء تلقائيّ و طبيعيّ ، و بالرّغم ما شهدته صداقتنا من فتور في الآونة الأخيرة مازلت أؤمن بالصّداقة و مازلت أتعلّق بها و مازلت أغار كلّما دعتك إحداهنّ صديقي.

أذكر أنّي وعدتك أن لا أتزوّج حتّى تتزوّج أنت ، فقط حتّى لا أُمنع من الحديث معك و يحدث أن يكون اليوم زفافك ، و يجدر بي أن أكون قرب زوجتك المستقبليّة أساعدها في الإستعداد لهذه المناسبة كما طلبت منّي ذات ليلة و وافقت أنا غايةً في السّعادة ،لكن لم أمتثل لطلبك يا صديقي ، ليس لأنّي كنت أنتظر أن أكون مكانها ، بل لأنّي إشتقت لحديثك و سؤالك لماذا تشترين هاتفا مادمتي تهملينه بهذه الطّريقة ؟