عام جديد أطلّ علينا بمرطباته و عشآءه الجاهز
ماذا نفعل هذه اللّيلة ؟ ثمّ إرتمت متثاقلة و يداها متسارعتان نحو آلة التّحكّم بالتّلفاز .
ما نفعلُهُ كلَّ ليلةِ رأسِ سنةٍ جديدة، ندعو الله أن تكون هذه السنة أفضل ممّا مرّ من السنوات الأخرى، و أن يعوّضنا عمّا إجتاحنا من دمار هزّ نفوسنا و دواخلنا لتترك جثث تحاول إيهام النّاظر إليها أنّها تنبض حياة، تنهّدت و هي تلعق ما تبقّى من المرطّبات فوق شفتيها ، ثمّ طلبت من صديقتها أن تمدّها بالمزيد.
رمقتها هذه الأخيرة بنظرت مستغربة ثم نهرتها قائلة : هلّا توقفتي عن كل هذه الدّراما ! أقصد أيّ البرامج سنشاهد اللّيلة ؟
ثمّ ضحكت الإثنتان و تمّ الإتّفاق على أن تُغلق التّلفاز و كل مواقع التّواصل الإجتماعي حتّى تنتهي أجواء الكريسماس ، فالكلّ يعلم ما تخلّفه هذه الفترة من الزّمان في قلوب الكثيرين ، و لا أحد ينكر أنّ رؤية الصّور الإحتفالية في أعقاب السّنة يكون أشدّ وطأة من كلّ ما مرّ علينا من آلام طيلة السّنة نفسها .
لقد مرّ 365 يوم يا صديقتي، ما يعادل 525600 دقيقة ،أي ما يعادل 31536000 ثانية ، ربّما أكثر من ذلك ، فبعض الأشهر تكون أطول من النّصف الأخير من السّنة كلّها ، أعلم أنّك لم تكلّفي نفسكي عناء محاولة قراءة ذلك العدد الكبير و لا أحد ممّن يقرأ الآن فعل ، في كلتا الحالتين شخصين فقط يهتمّان بقرآءة الأعداد ، شخصان جمعهما القدر في أحد البنوك ، أحدهما فائق السّعادة و الآخر لا يختلف عنّا كثيرا ..
أتعلمين أنّ أحدهم تزوّج وهاهو يحتضن طفله الأوّل في هذه السّنة التّي شارفت على الانتهاء ؟
أتعلمين أنّ أحدهم سافر إلى السّند و الهند في نفس هذه السّنة ، بلى ، توجد بلاد تسمّى السّند !، تقع في القارة الآسيوية وهي تمثّل حالياً كلاً من منطقتي الباكستان بالإضافة إلى شمال شبه القارة الهنديّة لمن لا علم له ، أنا أيضا كنت أظنّ أنّ أبي هو الشّخص الوحيد الذي يعرف هذا المكان الذي لطالما كان ضمن أوّل إقتراحاته المستفزّة كلّما طلبت منه أو أخبرته أنّي أريد السّفر، و كنت كلّما سألته عن مكانها يصبح أبي "كريستف كولمب" القرن الحادي و العشرين ليخبرني أنّ أحدا لم يكتشفها بعد ..
أتعلمين أيضا أنّ شخص ما الآن يشتري لنفسه السّيّارة رقم 5 في نفس السّنة فقط بدافع التّجديد
و أحدهم يشتري آخر إصدارات شركة الآيفون و و و في حين مازلنا أنا و أنتي، في ذلك البيت المظلم ،في تلك الغرفة المغلقة المنيرة ، منكبّتين على ذلك المكتب نحاول حلّ أحد المعادلات من أصل 86 واحدة.
31536000 ثانية !
تدوينات اخرى للكاتب
زوجي خذ بيدي إلى الجنّة
إن كنت قد جاوزتي الخامسة و العشرون و لازلت ترفضين الزواج فعلى الأغلب تمتلكين أسباباوجيهة للرفض أولاها أنك قد فقدت عذريّتك,...
amal toumi
لقد إعتدنا أن نكون مقرّبيْن
لقد إعتدنا أن نكون مقرّبيْن ،إعتدت أن تتّصل بي كلّ يوم و أعتدت أن أجيبك بعد 5 مكالمات على الأقل ، الكلّ يعلم و أنت أوّلهم أنّي أهمل هاتفي كث...
amal toumi
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين