*شاركت بهـذه المقالة في كتاب علامات عربية بنسخته الأولى التي دُشنت في معرض أبوظبي الدولي للكتاب مايو  2015من اصدار دار Brandin' you ..شاكره لهم الدعوة للمشاركة في الكتاب، علما انها كانت بعنوان التموضع و الهوية البصريةفي الكتاب.. 

"بتيل براند، ذات العروق العربية، تمددت و تجاوزت جفاف الصحراء إلى سماء العالمية. تطورت بتيل خلال السنوات، من اسم مرتبطٍ بسلعة تقليدية (التمور) إلى علامة مرتبطة بالأطعمة الذوّاقة. دائماً ما تطمح العلامات إلى أن تبني لها هوية (brand identity) تساعد في تكوين صورة ذهنية (brand image). هذه العملية تبدأ مبكراً عند رسم الاستراتيجيات، قبل تكوين الهوية والصورة. تُعرف هذه العملية بالـ (Positioning)، التي قد تعني بالعربية التموضع. استطاعت بتيل أن تحافظ على نجاحها لأنها ركزت جهودها على التموضع المناسب منذ البداية، وقامت بتطويره. وهو من العناصر المهمة في التسويق، وهو ما سنتناوله في هذا الطرح.

ماهو التموضع؟

المقصود بالتموضع هو تحديد التصور الذهني المرغوب للبراند في عقلية المستهلك. التموضع يوضح الهدف والقيمة التي سيحصل عليها العميل باستخدامه البراند، وتوضح تميزه عن باقي البراندات. إن الاهتمام بموضع البراند مهم..ﻷن هذه العمليات ستحدث في عقل الانسان تلقائياً، وستعمل على تحديد الموضع، سواءً كان من يقوم على بناء البراند أو تطويرها مهتماً وواعياً بهذه العملية أم لا. السبب أن المستهلك يتعلم عن البراندات الجديدة بمقارنتها وتحليلها مع ما هو موجود. فهو يستخدم الإدراك بواسطة الحواس ليتعرف على جودة المنتج. وهو كذلك يحاول إدراك الرموز ودلالاتها المحيطة بالمنتج، كالسعر، والتغليف، وصور المنتج. ثم يعمل على تصنيف هذه المعلومات بشكل كلي في العقل على شكل مفهوم. بمعنى أن البراند، أي براند، هو عبارة عن مفهوم في العقل وعندما يصف أن البراند مثل الشخصية، أو روح، أو وعد ما، هي إلا تعبيرات مجازية لتقريب معنى البراند.

دعنا نأخذ هذا المثال من حياتنا اليومية حتى نستطيع أن نفهم المقصود بمفهوم الكرسي. اكتب هذه الكلمة في قوقل، ستظهر نتائج بالآلاف..لكن نستطيع تصنيفها من خلال مميزات مختلفة، أشكاله، أو من مواد الصنع، أو إذا كان جزءاً منه مغطى بقماش وغيره. تخيل أنك في مكان تحتاج فيه إلى كرسي ووجدت صندوقاً، فأنت ستجلس عليه لأنه حقق هدفاً معنوياً وذهنياً لمفهوم الكرسي. الكرسي- من منظور علم النفس- ليس كرسياً، بل مفهومٌ  نطبقه على ما يتوافق من أشياء لها مميزات وارتباطات معنوية تدل على فكرة الكرسي. هذا يساعد على فهم أن المستهلكين يستشعرون البراند على شكل “ مفهوم”، أي مجموعة من المميزات والارتباطات التي تعطي البراند معنى معين، وتصنفه. وهي عملية مستمرة. قد يعجبك حذاء رأيته في أحد الإعلانات. بعد فترة ترى الحذاء على أحد الأشخاص، أنت تعرف أن هذا الشخص مميز في ملبسه. لكنك لست متاكداً بعد من قيمة الحذاء. تقوم بزيارة أحد مراكز التسوق في إحدى سفراتك، تلاحظ أن براند الحذاء بالقرب من المتاجر الفاخرة. عند دخولك تلاحظ بيئة المحل وأسعار الأحذية. الإدراك بالارتباطات والخصائص المختلفة لبراند الحذاء ساعدت على تطوير مفهوم البراند في مخيلتك.

بعد استعراضنا لما سبق، نعود للـ positioning. التموضع يكون عادةً على صيغة نص مكتوب، الذي يفسر كيف يعتقد المسوق أن على الآخرين أن يفكروا و يشعروا و يرتبطوا مع البراند. عند صياغة خطة استراتيجية أولية أو عامة، يمكن مناقشة التموضع positioning كنوع من الرؤية، والغالب ألا يُعيره العملاء الكثير من الاهتمام. لكنه مهم للتسويق والتصميم لأنه يرسم الخطوط الرئيسية لهما، لأنه يوجّه استراتيجيات التسويق (مثل السعر، التوزيع، الهوية و غيرها) والأنشطة المختلفة للبراند.

من العناصر المهمة عند صياغة التموضع (Frame of reference) الإطار المرجعي وهو الهدف الذي يتوقع المستهلك أن يحصل عليه عند استخدامه للبراند. وهو يكون بشكل عام على نوعين: الإطار الأول يكون على أساس فئة المنتجات: حدد انتمائك.. هل المطاعم السريعة، المشروبات الغازية، الجلديات، اﻷزياء الراقية…؟ وهو أيضاً يساعد على معرفة منافسيك في السوق؛ مثل كوكولا مع بيبسي. الإطار الثاني يعتمد على قيم معنوية مرتبطة بأحاسيس المستهلكين وعاطفتهم، مثل الكوكاكولا و آيس تي (Ice tea). كلاهما يرويان العطش. وهو أيضاً يساعد على تحديد المنافسين؟ وتطور البراند خارج فئتها، ونقاط تميز البراند. كلا الإطارين: فئة المنتج والقيمة المعنوية، يساعدان على تكوين تصور في عقلية المستهلكين، يحدد مكانه بين براندات أخرى. غالباً، من العوامل التي تؤثر في اختيار الإطار هو المرحلة العمرية للبراند. إذا كانت في بدايات طرحها، فإنه من المفضل أن تكون فئة المنتج هي التي تحفز المستهلك، حتى يمكن الجمهور من تصنيف البراند مع أخريات من نفس الفئة. بينما في مراحل متقدمة من البراند، الإطار المعنوي يساعد على إيجاد فرص نمو. عنصر آخر في المكانة هو (Point of difference). وهو نقطة التميز. والذي أيضاً هو شكل عام على نوعين: وظيفي أو شعوري. نقطة التميز توحي لماذا البراند مميز للحصول على الهدف. يستلزم ذلك تقديم دلائل محسوسة، وتكون على شكل الهوية، أو من يستخدم البراند، أو المحيط الذي ينتج البراند أو يستخدمه.

سنناقش هذه العناصر أكثر من خلال براند بتيل. كانت بدايات بتيل مع التمور الفاخرة في التسعينيات. في وقت كانت فيه سوق التمور وطرق بيعه تقليدية، قامت بتيل بتقديم التمور مع الشكولاته أو المكسرات (إطار مرجعي من فئة التمور). قامت بتغيير تجربة شراء التمور من مصادره التقليدية، وعرضته في محال تشبه محلات الشوكولا الفرنسية (نقطة تميز). هذا يؤثر في شعور العميل، ويعرف أنه دخل مكاناً مختلفاً. هذه البداية بحد ذاتها، أوجدت فئة منتجات جديدة أعلى من التمور التقليدية. تطورت بتيل مع الوقت واستجابت لتغيرات المستهلكين والسوق. زادت من دائرة المنتجات سواء التي تدمج مع التمور أو منتجات كالزيوت ومشروبات وبسكويتات وغيرها. تعاملت مع محالها على أنها بوتيكات واستثمرت في مفهوم جديد وهو المقاهي، خليط من المذاق العربي والايطالي.

تطور مفهوم بتيل من مجرد اسم يدل على التمور الفاخرة، إلى براند له بصمة في سوق الأطعمة الذواقة، (انتقل لإطار معنوي).

ساعد في إيجاد اتجاهٍ للنمو، والتطور، والتوسع من إرث البراند. منتجات بتيل ذات الجودة الفاخرة (نقطة تميز) توجه اختيار المواد (تمور، شكولاته، السعر ،التغليف، الهوية، الديكور)، التوزيع (بوتيكات، السوق الحرة في المطارات، هارودز) وغيرها من الخيارات الاستراتيجية المختلفة وطريقة تنفيذها.

ختاما، التموضع (Positioning) يحدث في عقل المستهلك، بواسطة الإدراك. من المهم الاهتمام بامتلاك حيز في الذهن لمفهوم مهم، وهو براندك. التموضع جزء من الاستراتيجية المكتوبة. احرص أن يكون واضحأً لمن يعمل معك من مصممين وغيرهم، لتتمكن من إيصال الصورة المطلوبة للبراند."

**رابط المقالة