أحد المفاهيم التي انتشرت في عالم الأعمال مفهوم التفكير التصميمي لذلك نجد أن مجلة هارفرد بزنس رفيو HBR في عددها لشهر سبتمبر 2015 يتمحور حول موضوع التفكير التصميمي، في نظري المتواضع أن العدد لم يحتوي على ما هو جديد لكنه تأكيد على استمرارية تصدر هذا المفهوم و قوته. نجد زخم كبير في الشبكة العنكبوتية من المقالات و الفديوات التي تشرحه باللغة الإنجليزية. يتم تداول و طرح هذا المفهوم و مناقشته في اللغة العربية في أغلب الأحيان ب "تصميم التفكير" و هي ترجمة حرفية للمفهوم تخفي معناه و أبعاده الحقيقي. لذلك سأطرح لماذا ترجمة Design Thinking للتفكير التصميمي قد تكون هي الأنسب من ناحية لغوية ، كذلك سأذكر جزء من تاريخ هذا المفهوم حتى تتضح معنى الكلمة. لمن يريد أن يعرف ما هو التفكير التصميمي هذا الفيديو من مدرسة إكس يشرحه بشكل جميل.(مع اختلافي معهم في ترجمة العبارة)
يترجم البعض design thinking إلى 'تصميم التفكير' بسبب أن كلمة تصميم في قواميس اللغة الإنجليزية تأتي اسم noun او فعل verb و لا تظهر adjective . لكن في هذه الحالة تأتي في صورة adjective و يمكن الإطلاع و الرجوع للمزيد في منتديات اللغة الانجليزية هنا مثال وهذا آخر. كما يمكن أن نفهم أنه أسلوب تفكير كما يوضحه ذلك هذا المقال الذي كتبه أحد المهتمين بالتفكير التصميمي.
تذكر أن design thinking :
"design is way of thinking" NOT "design your thinking
بداية نستطيع القول بشكل مبسط أن مفهوم التفكير التصميمي نمط من التفكير مثل التفكير النقدي التفكير التحليلي و غيره. يعود تاريخ المفهوم لعقود سابقة و هو نتاج تراكم أبحاث أكاديمية و ممارسة فعلية مع تطوير مستمر، و يعتمد على خليط من العلوم أهمها العمارة، هندسة، علوم إنسانية، وإدارة الأعمال. بداياته تعود لبعض المصممين الأكاديميين التي تدور أبحاثهم حول فهم عملية التصميم و أسلوب تفكير المصممين و الطرق المستخدمة. وجد الباحثين أنها مختلفة عن العلوم الطبيعية من جهة و من جهة آخرى مختلفة عن العلوم الاجتماعية و الإنسانية. لذلك يمكن أن يترجم أيضا "التفكير من منظور التصميم".
آصبح التفكير التصميمي أكثر تداولاً في منتصف العقد الماضي بسبب الأهتمام المتزايد من قِبل الإدارة، والأعمال، و التسويق حيث نجد مقالات في البزنس وييك Business Week و الهارفرد رفيو HBR لكونه تفكير إبداعي لحل المشكلات و إيجاد الحلول و لإحداث تغيير. كان هناك اهتمام ملحوظ بالتصميم و الأبداع في World Economic Forum منتدى الأقتصاد العالمي في سويسرا عام 2006 , و من أهم المتحدثين به كان تيم براون لذلك نجد اسمه غالبا مرتبط بالتفكير التصميمي. تيم براون Tim Brown هو الرئيس التنفيذي لوكالة التصميم أيديو IDEO وهي من أشهر وكالات التصميم في العالم و التي لاتقتصر على تصميم منتج بل تتعدى ذلك إلى استراتيجيات و آعمال و خدمات لذلك نجد الأن مسميات و تخصصات مثل Business design,Service design .
ما قام به تيم هو مشاركة الجميع لأسلوب التصميم المتبع في أيديو فكان دائما ما يظهر متحدثا بإلهام عن قصص لمنظمته كما ظهر في تيدTED على سبيل المثال . لم يبقيها خلف الستار أو يجعلها سراً بل شارك طريقتهم مع الجميع وله كتاب و الكثير من المقالات حول الموضوع. تيم في الحقيقية تدرج في الوكالة , إذ أن التفكير التصميمي المتبع لم يكن من ابتداعه. من المؤسسين لايدو البرفسور كيلي David Kelley و هو من المهتمين والباحثين بالتفكير التصميمي و له جهود في استحداث دي سكول d.school في جامعة ستانفورد Stanford University. عمل ديفيد و تيم معا على إبراز أسلوبهم في منظمتهم المبنية على طريقة جامعة ستانفورد. هناك جامعات أخرى بالطبع لكن لا يتسع المجال هنا.
نمط التفكير هذا ليس مقتصر أستخدامه على المصممين بل هو للجميع لذلك نجده في بعض برامج ماجستير إدارة الأعمال في بعض الجامعات مثل جامعة اكسفورد Oxford University وغيرها، وهناك أيضا الكثير من الدورات التي تدرب على استخدامه. بدأ تصاعد هذا الاهتمام في عالم الأعمال عندما قام أحد الباحثين في السبعينيات بملاحظة ما سماه المصمم الصامت Silent designer .لاحظ أن في بعض المؤسسات هناك أفراد (إما في التسويق أوالإدارة) يمارسون بعض الأنشطة مشابهة للمصممين من غير أن يشعروا آو يكون لديهم فكرة حول ذلك. من العوامل التي ساعدت أيضا بزيادة الاهتمام بالتصميم التغيرات في مفهوم البراندينق في التسعينات الذي يستلزم عمل المصممين مع المسوقين بشكل أكبر. حاليا نلاحظ أيضا اهتمام تخصصات أخرى فيه مثل الصحة و التعليم و المبادرات الاجتماعية ( أعتقد أن مبادرة تسامي الاجتماعية تعتمد علية و مستلهمة من منهجية أيديو للمبادرات الاجتماعية).
نجد هنا أن التصميم ليس معنيا بالجماليات فقط أو جزء من ثقافة بصرية بل هو أهتمام بالجانب الحسي/الشعوري أي أن تستشعر المشكلة كما يحس فيها المستخدم في ممارساته اليومية قدر الإمكان حتى نستطيع إيجاد الحل المناسب وهذا من أهم خصائص التفكير التصميمي. و هذا لا يقتصر على سؤال المستخدم/المستهلك ولا يعني بالضرورة أن المستخدم يعرف ما يريد , لو سألنا أحد في السابق عن حاجته لهاتف بكاميرا أو خصائص أخرى لما وجدت هواتف ذكية . و هذا يأخذنا إلى خصائص أخرى أذكرها بشكل سريع وهي التعاون و المشاركة بين الأطراف المعنية و كذلك أستخدام التفكير البصري. ختاما أرجو أن يوضح هذا المقال فهم أعمق للتفكير التصميمي ، كذلك أنصح بموقع IDEO لما فيه من معلومات و كذلك للإطلاع على أعمالهم.
هنا قائمة بكتب التفكير التصميمي من أمازون.