تنحاز كثير من القصص والمقولات في التراث العربي ضد المرأة, فتفترض فيها الشر والحيلة أحيانًا, أو السفه وسوء التدبير ونحو ذلك.

حتى حين يتعلق الأمر بالخصال رفيعة القدر التي تُطلب في المرأة والرجل على السواء يظهر هذا التحيز, و(المروءة) خصلة إنسانية حميدة لا تختص برجل أو امرأة. فالجوهري يقول في معجمه: (المروءة: الإنسانية) فهي في أبسط تعريفاتها الإتصاف بصفات الكمال الإنساني.

في كتاب (المروءة) لابن المرزبان أقوال كثيرة عن المروءة تؤكد على أن العقل والكرم والتحبب إلى الناس ونقاء الثياب وقلة الخلاف واجتناب الريب… وكل الصفات التي تُجمّل الإنسان وتصونه تُعدّ من المروءة. بين هذه المقولات مقولة واحدة تتعلق بالمرأة وتجعل مروءتها كامنة في مفارقتها للكمال الإنساني “قيلَ لأبي ثفال المري وكانَ ذا عقلٍ ومُروءة ما مروءة المرأةِ؟ قال لُزُومُهَا بيتها, وَاتهَامُهَا رأْيهَا وطَوَاعِيتُها لزَوْجِهَا وقِلةُ كلَامهَا”

والتحيز ضد المرأة ظاهر في هذا النص, بدءًا بتضييق الخناق عليها بفرض (لزوم البيت وطاعة الزوج وقلة الكلام) دون ضابط. وانتهاءً بالتمادي في تسفيه رأيها إلى حد مطالبتها بأن تسفّه رأيها من تلقاء نفسها (اتهامها رأيها). فكيف تتفق صفات الكمال الإنساني مع تسفيه المرء لذاته واتهامه رأيه؟ مع أن (الاستخفاف بالناس) من خوارم المروءة لكن حين تختص العبارة بالمرأة يُصبح الاستخفاف بالنفس مطلبًا محمودًا, وهذا يكشف عن ذكورية المقاييس التي يُفرّق بها الخطاب الثقافي بين المرأة والرجل حتى في الخصلة التي تُطلب فيهما معًا باعتبارهما (إنسان) فالمروءة (فعولة) من (امرئ وامرأة) مثل (فتوّة من فتى) و(رجولة من رجل) فالأقوال الواردة في الكتاب تطلب مُقاربة الكمال الإنساني في الرجل،  لكن حين يتعلق الأمر بالمرأة يصبح كمال النقص مطلبًا لتمام مروءتها؛ بسلبها حُرية الحركة، ثم الثقة، ثمّ الاختيار، وأخيرًا سلب حقها في الكلام.