Image title
بول مانافورت مع محاميه يسلم نفسه لمكتب التحقيقات الفيدراليه (FBI) صباح الأثنين.


لم يكن الثلاثون من اكتوبر كأي يومٍ آخر في الشهر العاشر من رئاسة دونالد ترمب، قبلها بأيام سبقت الويكند وبالتحديد مساء يوم الجمعه الماضي نقلت سي ان ان تقريرا عن اصدار المحقق الخاص روبرت مولر لائحة اتهام بخصوص تحقيقاته في قضية التدخل الروسي في انتخابات ٢٠١٦ واحتمالية تعاون أعضاء من حملة ترمب الإنتخابيه في التآمر مع الروس وسرقة إيميلات من الحزب الديمقراطي ونشرها لتشويه سمعة الخصم [هيلاري كلنتون].

صباح الأثنين، كُشفت اللائحة من قبل المحكمه بالإتهامات والأشخاص الموجهه لهم، وهما بول مانافورت و مساعده وشريكه ريك قيتس. بول مانافورت الإسم الأشهر واللذي كان كثيرون ينتظرون القبض عليه لكثرة فضائحه وشبهات فساده اللتي سبقت انضمامه لحملة ترمب بعشرات السنين، نشاط مانافورت الاستشاري كان يمتد لأوكرانيا وروسيا، كما ثبتت عليه تحويلات مليونيه من بنوك في قبرص (المكان المفضل لغسل الأموال لمجموعه كبيره من الأثرياء الروس). 

بول مانافورت كان رئيسيا في حملة ترمب الإنتخابيه لعدة شهور في احد أهم الفترات (مارس ٢٠١٦-اوقست ٢٠١٦) ، تاريخه يمتد منذ ١٩٨٠ حيث أنشأ شركةً للتأثير والأستشارات السياسيه (Lobbying Firm) بمشاركة صديق ترمب القديم والشخصيه الإعلاميه المثيره للجدل روجر ستون. تاريخه الطويل في العمل مع عملاء مشبوهين من حول العالم وتسويق سياستهم وتقديم الإستشارات لهم بخصوص مصالحهم في الولايات الأمريكيه المتحده جعل منه شخصا سيء السمعه، وهو نفس السبب اللذي جعل ترمب يتخلص منه حيث كشفت الصحافه الأمريكيه عن علاقته القويه والطويله بالحزب السياسي التابع للرئيس الأوكراني (فيكتور يانكوڤيتش) اللذي تم اسقاطه سلميا في ٢٠١٤ والمقرب من الحكومة الروسيه وبوتين (يانكوڤيتش هرب لروسيا بعد اسقاطه من الحكم).

أما ريك قيتس فهو مساعد مقرب لمانافورت واسمه لم يكن معروفا كثيرا قبل اليوم، ما يُهمنا عن قيتس انه استمر في منصبه بداخل حملة ترمب ولم يخرج حتى بعد خروج مانافورت واستمر إلى فتره قريبه يزور البيت الأبيض ويقوم ببعض المهام لمجموعات ضغط وهيئات تتبع الحزب الجمهوري وتدعم ترمب.

مانافورت وقيتس رفضوا التهم الموجهه اليهم صباح الاثنين امام القاضي، تم وضعهم في الإقامه الإجباريه وسحب جوازاتهم مما يعني ان فريق المدعي العام اقنع القاضي باحتمالية هروبهم، كما وُضعت كفالتهم بـ ١٠ مليون لمانافورت و ٥ مليون لقيتس.

البيت الأبيض بقيادة ترمب أشاروا بشكل متكرر إلى رفضهم ربط مانافورت وصاحبه بحملة ترمب الإنتخابيه وقلّلوا من اهميتهم للحمله ودورهم في ادارتها بينما في الواقع مانافورت كان رئيسا للحمله لعدة شهور. النسق اللذي كان يسوّقه الموالين لترمب طوال اليوم لوسائل الإعلام بأن روبرت مولر لم يجد أي أدلة واضحه على تعاون الحملة الإنتخابيه مع الروس وان ترمب عندما اكتشف علاقات مانافورت الفاسده سابقا قام بطرده بأسرع وقت.

Image title
صورة من حساب انستقرام ترمب الموثق ويظهر جورج بابادوبولس (وسط يسار الصوره) ومعه على الطاولة دونالد ترمب (المرشح للإنتخابات وقتها)، كما يظهر السيناتور جيف سيشنز مقابلا ترمب (تم تعيينه وزيرا للعدل بعد فوز ترمب).


المفاجأه حصلت بعد دقائق معدوده من تلك الدراما بخصوص شخص آخر مرتبط بحملة ترمب الإنتخابيه، شاب في التاسعه والعشرين من عمره بإسم جورج بابادابولس (Georege Papadopoulos) تم تعيينه في مارس ٢٠١٦ ليكون مستشارا للسياسة الخارجيه، عمل سابقا لفترات بسيطه في بعض الحملات الإنتخابيه والمراكز البحثيه في واشنطن دي سي.

هذا الشاب تم استجوابه سابقا بداية الصيف وقدّم اجابات مضلله لديوان التحقيقات الفيدراليه ( FBI) بخصوص اجتماعاته واتصالاته بمسؤولين روس على مستوى عالي من العلاقات مع الكريملين والحكومه الروسيه. في بداية اكتوبر اعترف بتقديمه اجابات كاذبه مقابل صفقه توفر له حكما مخففا لا يتجاوز الستة شهور على الأغلب (تهمة الكذب في التحقيقات لوحدها قد تصل إلى خمسة سنوات سجن).

لائحة الإتهام (Indictment) المتعقله به توضح كيف حاول بالتعاون مع مسؤولون كبار في حملة ترمب -لم تكشف المحكمه اسمائهم واكتفت بذكر القاب مبهمه حتى لا تعيق سير التحقيق- ترتيب لقاءات لترمب مع مسؤولين كبار مقربين من بوتين ومحاولته كسب تعاون الروس اللذين وعدوا بامتلاكهم ايميلات ومواد مهمه وضاره ضد حملة هيلاري كلنتون قد تتسبب بخسارتها للإنتخابات.

الوضع حاليا محرج ومُخيف للكثيرين من المرتبطين بحملة ترمب الإنتخابيه حيث لا يعلمون كمية الأدلة اللتي يملكها المحقق الخاص في القضيه روبرت مولر، او كمية الأدله اللتي تم توفيرها من قبل جورج بابادابولس حيث يملك مجموعة كبيرة من الإيميلات اللتي تربطه وتثبت علم مسؤولون كبار عن تحركاته.

لا يوجد حتى الآن مايثبت ارتباط ترمب بنفسه شخصيا في الموضوع وقد لا تصل نهاية التحقيقات إلى اتهامه بالتآمر مع الروس لكن محاكمة اعضاء حملته بهذا الشكل وتأثير هذا الأمر إعلاميا قد يجعل أعضاء حزبه في الكونغرس يبتعدون عن مساندته سياسيا وقد تصل الأمور إلى التصويت على ازالته من منصبه اذا ثبت ضرر هذا الأمر على القاعدة الإنتخابيه الواسعه للحزب الجمهوري قبل انتخابات الكونغرس المهمه في نهاية ٢٠١٨.