يتساءل الكاتب الناشئ: من الذي ابتكر هذا المخطط المفروض للقصة، مُقدمة وعُقدة وحلّ؟

يقول الناقد: إنها خصوصية القص، تسلّق ذروة الفضول لمعاينة النهاية... من دون العُقدة وحلّها ما الذي يُمكن حكايته؟

يقول الكاتب: أي شيء، يمكنني حكاية أي شيء دون أن أُلزم نفسي بالسير على هذا المخطط، سأبدأ حكايتي بالحلّ مثلًا، وأجعل العقدة هي الختام... القصة فن نقل الواقع، لكن القارئ لا يفتش عن واقع يطابق واقعه، إنه يقرأ ليرى حياته بأكثر من عينين، يراها من نوافذ متعددة تطل كل نافذة منها على مناظر مختلفة... كي تُحافظ على صحبة القارئ يكفي أن تأخذه معك إلى الأزمة، القصة موقف مأزوم، أمّا (لحظة التنوير) أو (الحل) فهي تدخل سافر من الكاتب يعتقل أسئلة القارئ...

يعترض الناقد: على القصة أن تحاور الحياة، تُسائلها، تُحاكيها، وتقترح لها النهايات...

يقول الكاتب: الحياة سلسلة أزمات، لحظة التنوير لا تأتي إلا كتمهيد للعقدة القادمة...

يُصرّ الناقد على قواعده.

يدافع الكاتب عن حقه في التجريب.

وُيصغي إليهما تاجرٌ لا يشعر بالانتماء لحوارهما، لكنّه يُصغي إليهما بفضول، الفضول الذي لايتواءم مع فضول الكاتب الذي يتعقب الأسئلة، ولا مع فضول الناقد الذي يحترف المساءلات. إنه فضول خاص يستهدف شريحة الباحثين عن الإجابات كي يصيغها لهم في مشاريع استهلاكية، مشروع (مؤسسة للإبداع القصصي) مثلًا، تستهدف كل الشرائح، وتبيع الحكايات على هيئة قطع غيار، تركيبات منفصلة، البدايات في رف، والعُقَد في رف آخر، الشخصيات والحوارات والأمكنة والأزمنة تُباع بشكلٍ منفصل، والحلول أو لحظات التنوير تُباع في صناديق مُعتمة، وهذه القطع تحديدًا غير قابلة للتبديل أو الإرجاع... يُعلن التاجر عن مناقصة المشروع، فيتفق القاص مع الناقد في الاعتراض، يقولان: هذا عبث وشتات لا يمكن أن ينتج عنه قصة مترابطة أو عمل إبداعي يحترم عقل المتلقي، عليك تقديم دراسة جدوى.

يقول التاجر: هذا المشروع الوحيد الذي سينجح من خلال دراسة عدم الجدوى، لأنه مشروع يحترم الزبون، لا نبيع التصورات المغشوشة عن الحياة. بل نبيع تمثيلات الحياة.