منذ أكثر من شهر، عندما تم إغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين، وتم منعهم من إقامة صلاة الجمعة  في سابقة هي الأولى منذ سنين، لم نر أي استجابة أو رد فعل عربي إسلامي تجاه ما حدث، ولا أقصد بذلك رد الحكومات والأنظمة العربية، فالعلاقات الإسرائيلية العربية علي أعلي مستوي الاًن، وإنما أقصد رد الفعل الشعبي خصوصا الشباب العربي المهتم بالشأن العام، ستجد أنه من الملاحظ أن هناك حالة من الفتور والبرود العامة مقارنة بما كان في السابق، فقبل الثورات العربية، كنا نري حملات المقاطعة والاجتجاج تدور في الأرجاء إزاء تلك القضية. والملاحظ أيضا أنه لم تعد هناك أية أولوية لهذه القضية مثلما كانت من قبل. 

وبالمثل حينما نري الآن ما يحدث مع مسلمي الروهينجا الذين صنفتهم الأمم المتحدة بالطائفة الأكثر اضطهاداً في العالم، حيث يقتلون ويذبحون أو يجبرون على ترك أراضيهم عنوة، تحت مرأي الجميع، ولم نر من الحكومات الغربية من يرفع رايات الشجب والإدانة علي يد الإرهاب البوذي، لكن لماذا اكتسب قطاع من الشباب العربي حالة من البرودة العامة تجاة كل ما يحدث الآن؟!.

 عندما حدث زلزال الربيع العربي بدءاً من تونس، علا سقف الآمال والطموحات، ولم يكن أكثر المتشائمين حالاً قد تنبأ بما حدث للربيع العربي الاًن بالهزيمة من الثورات المضادة، وما خلفته من آلاف الضحايا واللاجئين، إن الشاب العربي المسلم الآن عندما ينظر إلى بشار الأسد ( الحاكم المسلم ) الذي قتل الآلاف من شعبه، بينما لم تحرك تلك الأرواح ساكناَ في حكام العرب الذين باتوا ينظرون الي مصالحهم الضيقة أولأً بصرف النظر عن الإنسان. وتحولت الثورة تدريجياً إلى حرب طائفية بغيضة، تشارك فيها جماعات إرهابية وميليشيات طائفية تابعة لأطراف دولية، بينما غابت القوي الثورية المعتدلة عن المشهد وفقدت الثورة معناها، وظل يتناحر الجميع علي تقسيم الكعكة، أما الإنسان، فتملكه الهلاك، إما أن يباد بالطائرات أو خنقاً بالغازات السامة او غرقاً في البحار طلباً للجوء، كل هذه الجرائم ارتكبت في حق الإنسان العربي المسلم، وتلك هي أحد الأمثلة علي هزيمة الثورات أو الآمال والطموحات العربية، فالعالم العربي الان الواقع تحت عبء الأنظمة الشمولية والقمع والجهل والفقر والمرض الذي تراكم عبر عقود، إما في حالة جمود أو هزيمة، ولا يوجد ما ينخر هذا الجمود سوي قطاعات من الشباب الذين هم علي دراية ووعي بما يحدث، وظل هؤلاء الشباب ينفثون غضبهم وألمهم لما يحدث حولهم عبر مواقع التواصل، ثم ما لبثوا أن اعتادوا وألفوا ما يحدث، ثم الفوا الصمت كذلك. 

أما المواطن البسيط أو الكتلة الساكنة كما نسميها، فهو مهموم بحياته اليومية وتدبير شؤونه، خاصة بعد الظروف الاقتصادية الصعبة، فلم يعد يعط بالاً الي تلك القضايا لا من قريب أو بعيد، وهم فريسة سهلة للاعلام الذي يرسخ في أذهانهم مزيدا من الخضوع ، وقد حدث لهم الكثير من الالتباس تجاه المفاهيم والمعايير الواضحة، فترك الشباب العربي كل ما يخص الشأن العام، وانتابه الفتور وفقدان الأمل في التغيير، وانصرف المواطن البسيط كذلك بدافع من فقدان القيمة.

 والحقيقة الساطعة أن حالة الوعي التي شكلها الربيع العربي هي بمثابة الأمل ونواة التغيير إلي حكومات وأنظمة ديموقراطية تعبر عن الشعوب وإرادتها وتندرج تحت بند القانون والتمثيل الشعبي لا تحت أي بند آخر، وهذا بإمكانه أن يعيد حيوية المجتمعات العربية ويعطي لها اثراَ دامغاً في كل ما يحيط بها من قضايا عربية وإسلامية.