علي بانافع
الإدارة علم وفن وقابلية، والاجتماع أحد أدوات هذا المجال يبرع فيها من مَلَكَ شيئاً من عناصرها، وتزداد البراعة فيها حين احتوائها كلها، والاجتماع له فوائد عديدة مباشرة وغير مباشرة، وبشيء من الإتقان يمكن زيادة إنتاجية الاجتماع ومردوده، فهو أداة فعالة من أدوات اتخاذ القرار، وكثيراً ما يكون له أثر عميق في تغيير أو تحديد حياة العاملين في القطاعات العامة والخاصة، ويُعلق على أسلوب افتتاح الاجتماع أملٌ كبير في نجاح الاجتماع أو فشلُه، إذ أن الافتتاح هو الذي يبقى تأثيره طويل الأمد مستذكر في النفوس أثناء الاجتماع، وإن لم يكن للافتتاح الجيد أثر كبير في نجاح الاجتماع، فإن للافتتاح السيء أثر كبير في فشل الاجتماع.
ويتعلق نوع الاجتماع تعلقاً شديداً بالهدف أو الأهداف الموضوعة له، وإن معيار نجاح الاجتماع هو الوصول إلى أهدافه الموضوعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكيلا تكون الاجتماعات فاشلة مضيعة للوقت عديمة المردود، ولكي يُتَوَصَّلْ إلى النجاح فلابد من تحديد الأهداف قبل أن يُقرر إقامة الاجتماع، ووضوح الهدف بالنسبة لمن يريد النجاح أمر حيوي ومهم لابد من التفكير فيه والتركيز عليه.
إن الرئيس هو الشخص الرسمي الذي بيده سلطة أعلى من سلطات جميع الحاضرين، ولا يُشترط فيه أن يكون قادراً على إدارة الاجتماع بنفسه ولو أن هذه القدرة -إن وجدت- تعتبر ميزة تضاف إلى ميزات الرئيس، في حين أن مدير الاجتماع هو الشخص الذي يقوم عملياً بضبط الجلسة وتنفيذ نظام الاجتماع وتعليماته وآدابه؛ وعليه أن يُلِمْ عملياً بمهمات مدير الاجتماع وميزات المدير الجيد لنجاح الاجتماع ونجاح إدارته فيه، فنجاح الاجتماع معناه الوصول إلى الأهداف المحددة له مسبقاً، والنجاح يحتاج إلى إمكانية الإقناع سواء بالنسبة للرئيس أو المدير أو الحاضرين أو لواضعي الأهداف، وإمكانية الإقناع -من وجهة نظري- صفة من صفات التفوق الإنساني، وتختلف نسبة وجوده من شخص لآخر باختلاف التكوين الشخصي من عِلِّمْ وثقافة وعُمِّرْ وأسلوب، كما تختلف باختلاف أنواع الاجتماعات وأهدافها، بالإضافة إلى الذكاء واللباقة وسرعة البديهة وحُسن التصرف وحضور الذهن والمرونة مع التغيرات الطارئة، واتساع الأفق وتنوع التجارب والتعمق في الاتصال بالحاضرين ومعرفة نفسياتهم.
إن إجادة طرح السؤال وإجادة الجواب على السؤال أو إجادة التعامل مع أسلوب طرح السؤال، أمر يزيد من مقدرة مدير الاجتماع من حيث ضبطه لحسن سير الاجتماع، كما يفيده في محاولة إقناع الآخرين بما يريدهم أن يقتنعوا به، وفي الاجتماع -أيضاً- يتعرض المدير بالذات لمقابلة أنواع مختلفة من الشخصيات فهناك شخصيات مفتوحة وشخصيات مغلقة، فالشخصية المفتوحة هي تلك الشخصية التي يمكن للواصف أن يصفها وصفاً ينطبق عليها بصدق، فلذلك يمكن توقع ردود أفعالها وإنعكاسات تصرفاتها إزاء موقف معين، في حين أن الشخصية المغلقة هي شخصية يتعذر وصفها وصفاً يجعل المتعامل معها بصدق في توقع ردود أفعالها وانعكاسات تصرفاتها إزاء مواقف معينة.
وأخيراً يُعلق على ختم الاجتماع استجابة العاملين إلى اجتماعات قادمة وتقديم إمكانياتهم في سبيل نجاحها، فإذا كان الافتتاح يترك أثراً قد يطول خلال مدة الاجتماع فإن ختم الاجتماع يترك أثراً لمدة طويلة بعد انتهائه، وإلا اُعتبر الاجتماع مَضْيَعة للوقت -في كثير من الأحيان- لا يُؤدي ما يتوقع منه أن يُؤديه، وكم ضَيَّع قضايا كان من الواجب أن يُتخذ فيها قرار حاسم ..