عزيزي رئيس التحرير

في احد الايام الغائمة احسست بارهاق حاد وبدأت دقات القلب تنخفض. زاد سعالي وتراخت اعصابي احسست والعلم عندالله بدنو الاجل. ناديت باعلى صوتي على افراد اسرتي ان يحضروا لكي اعترف لهم بما فعلت لعل الله يغفر لي ذنبي ويستر عيوبي. اقبل الشباب والشيب رجالا ونساء. تأثروا بمنظري وهدأوا من روعي. قلت للحضور اريد ان اعترف لكم عن صولاتي وجولاتي واسمي لكم الفنادق باسمائها ومع من اكلت وشربت. خجل النساء من بداية كلامي. اما الشباب فرحبوا بها, اما سدنة الفكر فقد اهتزت حواجبهم. قلت يا سادتي ان الله يقبل توبة العبد قبل وفاته ومن تاب تاب الله عليه.

يا سادتي النجباء توجهت الى البحرين في يوم الثلاثاء الموافق 14 يناير 2003م حيث جاوزنا الجمارك والجوازات السعودية. وعند دخولنا الى الجوازات البحرينية استرعى نظري جمال الزي الذي يرتديه افراد وضباط الجوازات. ابتسمنا لهم وانصرفنا الى فندقنا المطلوب. وما ان لفظت كلمة فندق الا ووشوشة الحضور من حولي بدأت تزداد. ذهبنا الى الفندق واستلمت الغرفة التي تطل على شاطئ الخليج. اعجبني ياسادتي حسن تعامل موظفي الفندق. ولكنني لم ات الى هنا لكي انام. وبسرعة طلبت سائق تاكسي لكي يقلني الى اماكن تنفس الهم وتجلو الصدأ عن العقل. ركبت سيارة التاكسي حيث قال سائقها البحريني الذي يبلغ عمره تقريبا ثماني وخمسين سنة : مثل البحرين مامميش. وبدأ يحكي لي عن نفسه وعن اسرته. كان يحكي ذلك ببساطة وعفوية تدل على عمق حضارته وتراثه. والله يا اهلي ان بالي لم يكن مركزا على سوالف السائق ولكن على تخيلاتي القادمة. وصلنا يا سادة الى اول الاماكن واذا بالسائق يؤشر لي على مكان معين فيه العربي والفرنسي والامريكي, سواء معتق او طازج من حداثته. وقال ان التي تقوم على هذا المحل امرأة.. نعم دخلت الى المكتبة ووجدت فيها من الكتب المتنوعة وقد شد اعجابي ثقافة البائعة البحرينية المتحجبة وهي تدلني على آخر الاصدارات. بعد ذلك انصرفت انا والسائق الى محطة اخرى. وهذه المحطة بخلاف السابقة.فهذه المحطة عذبت قلوب الصبايا واحالت الشيب شبابا وهذه المحطة يعرفها اغلب الرجال والنساء الزائرين للبحرين حتى لو انكروا ذلك. دخلت انا والسائق الذي اتضح ان له دراية بهذه المحلات. دخلنا يا سادتي وعسى الله ان يغفر لي هفوة بطني وزلة لساني. دخلنا الى محل بيع الحلوى والدرابيل واستقبلنا العامل الهندي ببشاشة واعطانا قطعة من الحلوى لنتذوقها وقدم الينا فنجان قهوة وانا اروي ذلك للاهل, بدأت عيني بالاحمرار وانا اطلب من الله ان يغفر لي ما شاهدته وما عملته في المحطة التالية من رحلتي الى البحرين. كل ما سبق ذكره لم يكن الا غطاء للقادم.ذهبت انا والسائق الى صالة الفندق المطلوب واستقبلونا بالشاي والبسكويت وسمحوا لنا ان ندخل الصالة حتى بثيابنا. جلست على الطاولة وانا انظر الحشد الذي بلغ تعداده تقريبا الالف بين رجل وامرأة. تعرفت على جلسائي في الطاولة وسولفنا حتى تآلفنا وفجأة اعلن عن بداية السهرة حيث خفضت الانارة وصمت الحاضرون.

وانا اروي هذا الكلام بدأ بعض النسوة في الانصراف خشية من الكلام القادم. اعلن عريف اللقاء عن بداية جلسات المؤتمر الدولي التاسع لفرع الخليج العربي المتفرع من معهد ادارة المشاريع والذي كان عنوانه (هل نحن مستعدون لمواجهة التحديات العالمية؟) . سوف اكتفي بسرد المهم منه اعجبتني ثقافة المسؤول البحريني الذي القى كلمة الافتتاح حيث صاحبت كلمته والتي كانت باللغة الانجليزية، صاحبتها ترجمة كتابية باللغة العربية معروضة على شاشات العرض.. احد المسؤولين اليابانيين القى كلمة بسيطة وموجزة ركز فيها على نقاط منها وجود عمالة مختلفة افكارها ودولها تعمل لهدف واحد وركز على تهيئة البيئة الصحية لعملهم. ركز ايضا على ان مديري المشاريع يجب ان يتحلوا بالعدل عندما ينظرون الى اي مشكلة مع مقاوليهم وغيرها.بعد انتهاء مهمتي رجعت الى المملكة حيث استقللت تاكسيا خاصا يقوده بحريني. تكلمنا وتطارحنا الرؤى والافكار ضحكنا وتباكينا ولكننا اتفقنا على التفاؤل وان الحاضر افضل من الماضي. اعجبتني واقعيته حيث قال ان ظروف المعيشة اجبرته على الاكتفاء ببنت واحدة.

نعم شعب بسيط وعريق في الحضارة والثقافة يجبرك ان تعترف امام الرجال والنساء انك ذهبت الى المكتبات ومحلات بيع الحلوى ومراكز المؤتمرات.. نعم كنت في البحرين!  اللهم اغفر لي ذنبي وزلتي يا رب العالمين.

عبدالله ابراهيم المقهوي - الاحساء

http://www.alyaum.com/article/1069708