تقع حارة (فريج) الفقراء في أقصى مكان في كوكب المريخ. تبلغ مساحتها 4 كيلو مترا مربع. تلك الحارة مجاورة للمقابر و المزارع و الأسواق الشعبية، و بالقرب منها يقع مكان لرمي القمامة و الحيوانات النافقة. حارة الفقراء ليست مسكنا فقط للمحتاجين من سكان المريخ بل هي موطن للعمالة الفقيرة القادمة من كواكب أخرى وهي ملجأ آمن أيضا للقطط الشاردة و الكلاب الضالة والسيارات الخربانة.

ليس ذلك فحسب، بل هي ارض خصبة و مضيافة لتسويق أفكار و أساطير بين سكانها لأنهم لن يسألوا صاحب الفكر ب" لماذا و متى و أين"! أذلتهم الحاجة و المسألة، و أحنت رقابهم مناظر أطفالهم الصغار، و هم يتضورن جوعا، و بالرغم من ذلك فان إيمانهم بالخالق سبحانه لم يتزعزع. بل إن أمل الرجل و المرأة في حارة الفقراء إن يمن الله عليهما بالحج إلى بيته الحرام وان يضحوا عن والديهما قبل إن يغادروا هذه الدنيا !

يعمل سكان حارة الفقراء في مهن دخلها محدود و متقلب. فالكثير منهم سائقين للسطحات (التي تنقل السيارات الخربانه) أو سائقين للباصات و للشاحنات الصغيرة، و البعض منهم يعمل في مصانع و شركات كبرى في الدمام، حيث تتصدق عليهم ب 1500-2000 ريال في الشهر! السيارات الخاصة التي يملكونها موديلاتها قديمة و هي من طراز تويوتا هايلكس أو سيارات سيدان مختلفة الصنع، حيث تمكث تلك السيارات جل وقتها في الورش أكثر من الطريق. و عندما تخرج معافاة من الورش، فان أصحابها، يبتدئون بتزيينها و تنظيف كفراتها (إطاراتها) بالشامبو و الصابون لكي تصبح أكثر سوادا و لمعانا، و يبتدئون باستعراض جمالها الأخاذ، مع إن مكابحها و جزأ من أنوارها الخارجية لاتعمل!

بيوت حارة الفقراء لا تتجاوز مساحتها 300 متر مربع، و هي مبنية من طابق واحد أو من طابقين. بعض البيوت تضم أسرة مكونة من الوالدين و 7 أطفال، بالإضافة إلى ولدين متزوجين مع أبنائهم. و لكي يستوعب احد تلك البيوت تلك الجماهير، فان ذلك البيت يوسع باستخدام شينكو عازل، لسقف غرف الشقق الجديدة المبنية جدرانها بالطابوق الغير مليس. أما مدخل تلك الشقق المضافة، فانه قد يكون خارجي، مصنوع درجه من الحديد و قاعدته مرتكزة على رصيف البيت الخارجي. و بسب تلك الإضافات، فان اللون الخارجي للبيت له ألوان و أشكال مختلفة، فالبعض منها مليس و مصبوغ بلون فاقع الزرقة ، و البعض الآخر بلا لياسة أو صبغ. و قد تجد شبكة أنابيب المياه و المجاري البلاستيكية المهترئة ممددة على الواجهة الأمامية للمنزل. و بسب ضيق بيوت حارة الفقراء، فان خزانات البيوت و مضخات الماء توضع على الرصيف، خارج البيت. و خوفا من سرقتهما أو العبث بهما، فإن الخزان و مضخة الماء تصفدان بقفص حديدي. من ناحية أخرى، يستخدم الرجل الفقير السجاد القديم كعازل للحرارة، حيث يستخدمه لتغطية خزانات المياه من الحرارة، و يستخدمه كسقف لمضلة سيارته. في تلك الحارة، تأن أسقف البيوت من كثرة صحون الفضائيات الصدئة، و هي موجهة في كل اتجاه، و يقبل عليها شباب حارة الفقراء لأنها تخرجهم مؤقتا من بيئتهم المعتمة إلى رحاب الأمل، و تخفف من معاناتهم بتحميل ماهم فيه من فقر و حاجة إلى عوامل و أسباب يصعب عليهم فهم مغازيها، فيقبلون عليها طائعين و مسلمين .
في أوقات الراحة، يجلس الرجل الفقير على عتبة باب بيته وقد يكون لابسا ثوب النوم و طاقية الرأس، و يضع بالقرب منه راديو و دلة شاي، حيث يستمتع برؤية المارة و يدعوهم لشرب الشاي معه. يهتم الرجل الفقير بزراعة الورد و المشموم في بيته، و لكن لاتوجد مساحة و لا مال لذلك! و لكن احدهم استخدم سطل (وعاء بلاستيكي) و صندوق خشبي لكي يملأهما رملا و سمادا لزراعة المشموم و الورود.

أطفال الفقراء، طوعوا السعادة لخدمتهم! حيث تجدهم يقبلون على الألعاب الجماعية خارج بيوتهم. فالبعض منهم يقود الدراجة الهوائية و يردف خلفه صديقه و البعض منهم يلعب لعبة الكيرم أمام رصيف البيت حيث يتجمع أصدقاؤه، و البعض يستمتع باللعب بالرمل مع أصدقائه.

إذا كان هو حال بيئة فقراء كوكب المريخ من الخارج، فما هو حالهم من الداخل ؟


اللهم وسع على من تصدق على الفقراء. اللهم ازرع الرضا و الطمأنينة في قلبه. اللهم ارحم والدي من ساعد الفقراء و نصح في تعليمهم و ساعد في توظيف أبنائهم. اللهم آمين


عبد الله ابراهيم المقهوي

الأحساء