إلى صديقتي ورد 

مر وقتٌ طويلٌ على أخر رسائلنا ، أذكر ما كان يعنيه الليل في عينيكِ ، وما كنت ترينه بالنجوم ليست مجرد نجمة بل شامات متناثرة في الجسد ، وحين تكاثرت النجوم في السماء ، أصبحنا نلحظ انها نجوم كاذبة في ليل سهرنا القاتم وأصبحنا ندرك هذه النجوم لها قصة ويوجد شخص سيرحل إلى عتمات الأسر فكانت النجوم طائرات " درون " إن أطلت النظر إليها ستعرف أنك تطارد سماء كاذبة ، وغيمة واهمة ، وقطرة مطر صهيونية ستحل على أحدى بيوت بلدتنا.

هذا الليل وحزنه ، وكأبته التي لا يذيبها فنجان القهوة ، ولا ضباب السجائر المتناثر رمادها في أرجاء المكان وتكثر في منفضة السجائر قُمعاً تعبر عن قمع رفاقنا في السجون سجون متلاصقة لا يمحيها صرخةً وغضب ، فما أن يفتك الإنسان من سجن عدو يلاحقه أسر الأخ ، وفي كثرة قمع السجائر صراخ صامت تعبر عنه السيجارة الثانية بعد العشرين لتذكرني بعدد الدول العربية ، وتزيد اكتوائي بالنار حين أذكر ذلك 

فما الذي سأذكره نوستولجيا تعيد لذهني زمن ماضٍ أسافر من خلاله فأذكر وحدة عربية لم تكتمل أو أتذكر زعيماً لن يكرره أبناء العروبة الجديدة ، أو حكيماً قل نظيره بالنظرية و الثورة ، أم أتذكر عقوبتي في هذا الحاضر المُحاصر أتذكر عقوبتي بالعروبة و تنظيري الغير متناهي عن معنى الهوية ؟ 

على هذا الليل أن ينزع وجه الكذب عن نفسه ويصارحنا بما نحن عليه ونحاكمه أمام مذبحة التاريخ باسم الدم وفلسطين.

يبدو كعادتي يا صديقتي لا يمكن لي الحديث سوى عن هذا ، لكن ماذا تبقى لنا ؟

سوى أن نتحدث لعلنا نبقي شعلة وفكرة لا تزول.

السيجارة الثانية بعد العشرين ستبقى تذكرنا بمأساتنا ، وشاهدة على تخاذل وتقاصع 

وستبقى ما بقينا لا تنتهي ولا تزول إلا بوحيٍ يكون ناصراً وفيه جمال 

  يا صديقتي هذا ما هُنا 

بؤسٌ ويأسٌ

ليلٌ وسهر 

نهارٌ وعواءٌ

تنظيرٌ فلا فعل 

فعلٌ فانكار 

بغباءٌ وغواء 

ترنيمةٌ فصلاة 

عروبةٌ فلعنة