د. علي بانافع
استأذن الأستاذ الدكتور الشريف عدنان بن محمد الحارثي هذا العنوان الذي كتبه على صفحته في الفيسبوك وأستعيره منه لأجعله عنواناً لمقالي هذا فأقول: عندما تبحث عن أعمدة الفجور في بلادنا العربية ستجده بوضوح في الفكر اليساري وبقاياه الشيوعي -وليومنا هذا- خاصة في الدين والتاريخ، فالدين عدوهم الأول والتاريخ عدوهم الثاني، ومهما لبسوا ثوباً جديداً ليبرالي، علماني، تقدمي، مفكر، مثقف، صحفي ...الخ، فهذه أسماء تزويق لاسمهم القذر الأول "الشيوعية" وابحثوا عن التيارات التقدمية والفكرية التي تأثرت بجوانب من اليسارية الثورية ستجدون مكمن الخلل، وابحثوا عن جذور الكثير من هؤلاء الذين يدعون التقدمية والثقافة والفكر ستجدون صدق ما أقول، فالعالم العربي هو المنطقة الوحيدة التي مازال يعيش فيها هذا الحيوان المنقرض المسمى بالحزب الشيوعي؟!
ظاهرة يوسف زيدان ومهاجمته للدين وللرموز الإسلامية، ليست كلها ظواهر بريئة أو بحث علمي إنه الاستشراق الجديد فلم يعد الكاتب الغربي اليوم مُلِّهِمَاً لأجيالنا، لذا كان لابد من أُناس من جلدتنا تتولاهم منظمات مجمتع مدني غربية لتثير معارك داخلنا لزعزعة الثوابت، إنه جزء من مخطط الفوضى الغربي القديم لكنه هذه المرة مكثف يتزامن مع ظاهرة التغيير الديمغرافي والخرائطي التي نواجهها، فمنذ بضعة سنين نواجه هجمة جديدة على التاريخ الإسلامي استشراق بثوب جديد من ضمن الهجمة إيجاد نموذج إسلامي مشوه ومسخ لكي يُقال هذا هو تاريخ الإسلام، وبلا ريب سيكون العمل اليوم من أبناء جلدتنا.
صلاح الدين الأيوبي اسم كان له دوي العاصفة المُدَوِيَّة في عصره قبل أكثر من 800 سنة، غزا هذا الاسم العالم الإسلامي كله والعالم الغربي كالنسر العظيم، وما بقي قلب مسلم على الأرض لم يصفق له، ولا قلب غربي فرنجي إلاِّ وارتجف رعباً منه؛ حتى من قطعت أعماله عيشهم أو ألغت أفكارهم وعقائدهم انتظروا أن يموت ليحاولوا تشويه شيء من أطراف سمعته أو نسل ريشةٍ من جناحه الممدود، وهذا المقال ليس رداً ولا فتحاً للجدل في موضوع انتهى الحكم فيه منذ زمن بعيد، وكل ما يهدف إليه هو أن يُنْظَرْ إلى صلاح الدين الإنسان والسياسي والقائد الاستراتيجي والبطل الإسلامي في إطار عصره، وضمن معطيات ذلك العصر -أوضاعه ومفاهيمه- فمجال التاريخ هو أحكام الوجود، أما أحكام القيم فلها ألف قاضٍ وقاض؛ أم نريد لأبطالنا أو لبعض البشر أن يكونوا فوق البشر ومن هو المبرأ الموفور؟! ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلُّها كفى المرء نبلاً أن تُعدَّ معايبـــــــــــه
كتب الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير على صفحته على الفيسبوك مقالاً تحت عنوان: «صلاح الدين» لم يحرق مكتبة القصر الكبير وادعاءات «زيدان» غير صحيحة» قائلاً: (أكد الدكتور «أيمن فؤاد سيد» أستاذ التاريخ الإسلامي، ومدير مركز تحقيق التراث بجامعة الأزهر الشريف، ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قائلاً: (أن صلاح الدين الأيوبي لم يحرق مكتبة القصر الكبير مثلما أدعى يوسف زيدان، بل إن صلاح الدين عرض تلك المكتبة للبيع، وذلك بعد أن قال له العلماء والمتخصصون أن هذه الكتب تسهم في اتساع الفجوة بين المسلمين؛ بسبب احتوائها على كتب ترسخ للفكر الشيعي، فما كان منه إلا أن عرضها للبيع دون المساس بها، فانتقى القاضي الفاضل 100 ألف مجلد، وانتقى العماد الأصفهاني 100 ألف مجلد، أرسلها إلى الشام، واستغرق بيع المكتبة عشر سنوات، وما قيل عن إحراقها كلام غير دقيق على الإطلاق، وكشف «فؤاد» عن جوانب خفية في شخصية صلاح الدين الأيوبي بأنه تولى الوزارة في عهد الفاطميين، وأنه يعتبر آخر وزير للفاطميين وتنسب له معارك كبيرة حاسمة، منها المعركة الشهيرة على الصليبيين واسترداد بيت المقدس.
ورغم أن صلاح الدين من أصول كردية، فإنه استطاع توحيد الصفوف، وتوحيد الدعوة الإسلامية، وعودة المذهب السني إلى الأزهر الذي تم نقل الخطبة منه إلى جامع الحاكم بأمر الله طوال 100 سنة، مما أدى إلى تهدم الجامع الأزهر قبل ترميمه مرة أخرى، وأشار أيمن فؤاد إلى بعض الحقائق التاريخية غير السليمة التي ظهرت في الفيلم الشهير "الناصر صلاح الدين" وهي التي كانت مدخلاً لهذا الهجوم على القائد الأيوبي، ومن تلك الحقائق غير السليمة، أن صلاح الدين الأيوبي لم يتلق ملك الصليبيين، وأنه لم يكن بين صفوف الجيش الذي يحارب الصليبيين مسيحي كما أدعت الدراما التاريخية، لكن الأسلوب الذي استخدمه «زيدان» غير متداول في البحث العلمي على الإطلاق، خاصة أن صلاح الدين جاء إلى مصر في سن صغيرة والتف حوله المصريون وجيء به وزيراً بعد طلب الفاطميين الاستعانة بقوى أخرى لمواجهة الضعف الذي ضرب الفاطميين آنذاك، فجاء صلاح الدين مع جيش نور الدين وأسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين الذي مات من التخمة، ليتم اختيار صلاح الدين خليفة له في الوزارة دون أدنى ترتيب منه أو تدبير، وأكد «فؤاد» أن صلاح الدين الأيوبي قام بإصلاحات كبيرة منها، تنظيم الجبهة الداخلية، نقل مقر الحكم إلى قلعة الجبل بالقاهرة وبناء مدارس الفسطاط، وألغى الخطبة للفاطميين وأقام الخطبة للعباسيين ليضع نهاية الحكم الفاطمي في مصر، وأعاد الأزهر ليدرس المذهب السني بعد ما كان يدرس المذهب الشيعي، كما أنه أسس لدولة كبيرة من سوريا إلى ديار بني بكر إلى اليمن).
وأُضيف إلى ماقاله الدكتور أيمن فؤاد سيد ما كتبه الدكتور صالح النعامي بموقع مجلة البيان تحت عنوان: (الصهاينة يحتفون بتشويه يوسف زيدان لتاريخ الأمة) فهو لا يقل أهمية عن ما قاله الدكتور أيمن، ولكني لا أود الإطالة على القارئ الكريم فباستطاعته الرجوع لموقع المجلة وقراءته، بقيت كلمة صغيرة لمن يعنيه مصير مصر ومن في قلبه حب وتقدير لدور مصر العربية الإسلامية، أنبيع مكانة مصر مقابل حق هذا المفتري الدجال في العبث بالثوابت!! لمصلحة من تُجَرَدْ مصر من كل مقوماتها وأُسس مكانتها؟! وبعد هذا كله يستحق هذا السفيه المنافق يوسف زيدان -الذي يفتقد حتى لشرف الكافرين- رميه بالجهل المُطِّبِقْ والسفاهة والتحامل والاجترار والعَمى والكذب على الحق وتزييف الحقائق، بل يستحق رميه حتى بكعوب الأحذية!!