Image title

علي بانافع 

       تجرأ طلاب مدرسة الرازي الإبتدائية في تبوك على تمزيق الكتب الدراسية في الشارع أثناء الاختبارات الأربعاء الماضي، وشاهد معالي الوزير مقطع فيديو لما فعله الطلاب، فغضب غضباً شديداً لهذا الأمر وطالب بالتحقيق فيه ومعرفة المدرسة واسم القائد لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ولا يُصعب استنتاج الإجراءات اللازمة فهي إعفاء قائد المدرسة وإجراء تحقيق في الحادثة وتشكيل لجنة تربوية ...الخ.

       إن عدد طلاب المدارس في المملكة اليوم تجاوز 6 ملايين طالب، وهم إذا فشلوا في دراستهم كانوا مشكلة لأنفسهم وأهليهم، وإذا نجحوا كانوا مشكلة للوزارة لأنهم يأملون أن يدخلوا الجامعات والكليات وأن يحصلوا على الوظائف اللائقة بهم، وفي المدرسة يتعرض القائد التربوي والمعلمين لمقابلة أنواع مختلفة من شخصيات الطلاب، فهناك شخصيات مفتوحة وشخصيات مغلقة، فالشخصية المفتوحة هي تلك الشخصية التي يمكن للواصف أن يصفها وصفاً ينطبق عليها بصدق، فلذلك يمكن توقع ردود أفعالها وانعكاسات تصرفاتها إزاء مواقف معينة، في حين أن الشخصية المغلقة هي شخصية يتعذر وصفها وصفاً يجعل القائد أو المتعامل معها يَصَدُّقْ في توقع ردود أفعالها وانعكاسات تصرفاتها إزاء مواقف معينة أيضاً، فلماذا يُحَمَّلْ القائد التربوي فوق ما يَحتملْ؟! القائد التربوي لكي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يجب أن يكون له صوت مسموع في إصدار اللوائح والأنظمة التعليمية والتربوية، ولا فائدة من الجدل؟!ولكن فقط نسأل معالي الوزير -ومن غَضِبَ لغضبه- أيهما أولى بغضبك وأيهما أخطر على التعليم؟! القائد التربوي الذي أمضى أكثر من 28 سنة في خدمة دينه ومليكه ووطنه وأنشأ جيلاً محافظاً بشهادة الآباء الذين أدلوا بها في مواقع التواصل الاجتماعي، أم المجتمع والإعلام الذي أراد نشر فضـيلة طُويت فأتاح لها لسان حسود فَرُبِيِّ هذا الجيل الخلاسي على عدم احترام التعليم والمعلمين فضلاً عن القادة التربويين ..

       ومعالي الوزير لا يُضيره النقد البناء ويتقبل النصيحة أيَّاً كان مصدرُها، ويحب أن يعمَّ الخير -على يده أو يدِ غيره- طالما المنهج والمشرب واحد، ولم يكن فيه (أنا) خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فالطبيعة البشرية والفطرة الإنسانية تَمُجُّ الاستعلاء وتلفظ الكبرياء إلاّ لله وحده سبحانه وتعالى، إنني مؤمن إيماناً جازماً أن القائد الإداري يخطىء خطأً فادحاً عندما يستخدم أسلوباً عنيفاً في سبيل الوصول إلى أهدافه إذا كان بوسعه إستخدام اللِّين، كما أن القائد الإداري الذي يجبن عن استخدام الشدّة -حين لا يكون هناك بديل- هو إنسان لا يستحق أن يوضع في موضع القيادة، شعرة معاوية الإدارية التي تُشّدْ وتُرخى هي التي تُشّكل الفرق بين القائد الضعيف والقائد الفعال والقائد الطاغية، أم هو تَصَيُّد الأخطاء ولأنه لم يعد هناك معنى لا للتعليم ولا للمعلم ولا للقادة التربويين، فما الوطن إلا أنا وأنت وأبناؤنا؟! فأيُّ خَيِّرٍ يُصيبه الوطن إن جعلنا الطلاب والمعلمين والقادة التربويين من المفسدين؟! وصدق الشاعر المعلم والقائد حين قال:

أفنيت في التعليم كل شبابي                                                    وغرست دين الحق في طلابي

سيقدر الطلاب جهدي بينهم                                                         والفضل يعرفه ذوو الألباب 

كم كنت أعصر فكرتي كي يرتقي                                                واليوم يرصد عثرتي وغيابي

كم كنت جسرا للعبور أنا الذي                                                      أرشدت طلابي لكل صوابي

كابدت في التدريس كل مشقة                                                          
لكن ربي لن يضيع ثوابي