الحرية بوصلة من لا بوصلة له.
للمأساة والقهر في فلسطين زوايا ومصطلحات مختلفة، ولكنني هنا أركّز على الشخصي والخاص. لم تحقق تضحيات أهلها أهدافها بعد، إلا أن المطالبة بالحرية فتحت باب الكلام الذي كان موصدًا في مملكة الصمت. نريد أن يسمعَ الفلسطينيون بعضهم بعضًا، وأن يتفكروا في أحوالهم وأشجانهم وآمالهم ومخاوفهم.
الكلام يخفف عبء المعاناة ويروّضها.
نود أن نعرف معنى متنفس الحرية عن قرب، علّ المعرفة تدخل شهيق وزفير كافي حتى نحيا، أو، على الأقل، حتى نتنفس.

 (1)
قرأت: الاحتلال الإسرائيلي يعتدي على مسيرة أحد الشعانين بالقدس في أبريل 2017.
صوت المذيع في مذياع أبي أعلَمَني بالخبر.
أبي يقلب ابرة المذياع من اذاعة إلى أخرى عند الصباح.. المذيع: “أوضح الأب ابراهيم الشوملي كاهن رعية اللاتين في رام الله لوكالة معا أن قوات الاحتلال طالبت من المشاركين عدم رفع الاعلام الفلسطينية خلال المسيرة، وشرعت بمصادرتها”.
يقول أبي لا المسيحيين ولا المسلمين يَسْلَمون من ملاحقات واعتقالات الاحتلال الإسرائيلي.
لا ينسى الفلسطيني الأثمان الباهظة التي دفعها ومازال يدفعها من أجل الحريات عبر السنوات، مأساة كُتِب من أجلها الكثير من المقالات والمؤلفات.
عرفني أبي عن طريق مذياعه الخشبي القديم الذي يقتحم صوته قعر غرفتي، أسماء العواصم والملوك والرؤساء والكتاب والفنانين وحركات المقاومة في العالم، يا إلهي، لقد كنت تلك الطفلة التي تعرف دون فهم، حركة خلق في إيران وما يحدث في إقليم ناغورني كاراياخ، أما ما يحدث في فلسطين، فقد عايشته أمامي ومُلمّة به كما إلمامي بما يحدث في بيتنا.


(2)
أبي هو الأصغر عمرًا بين أعمامي الخمسة “أخر العنقود”، توفي والده –جدي- مبكرًا في بداية الخمسينيات، لا ذكريات لي عن جدي، بالمقابل، أبي نسخة مصغرة عن جدي، كما تقول عمتي.
لم تتغير وسامة أبي ولم يكبر مذ كنت طفلةً؛ كبرتُ أنا وأمي.
كل فتاةٍ بأبيها معجبة.

(3)
الابنة المفضلة لأبي، أو هذا ما اعتقدته، لا أقصد أنه كان يفضلني عندما كنا أطفالًا على بقية أخواتي، ولكن منذ كبرتُ وأنا أجلس إلى جواره أتسامر مرةً أو مرتين أسبوعيًا، هذا مالم يحصل عليه أخواتي اللواتي يكبرنني ببضع سنوات وتزوجن في غرة العشرينات من العمر، هكذا أصبحت المفضلّة والمدللة.
يَعد أبي النعناع بالشاي كما اصطلحت عليه، لكثرة وضعه النعناع على الشاي القليل في الكوب. ونجلس على الشرفة لنثرثر ساعة أو ساعتين وحدنا.
حكى لي أبي عن طفولته المفقودة ومراهقته المشحونة وزواجه الميمون وعائلته البسيطة. الآن أتذكر جيدًا قصصه المكررة والمختلفة، يقفز أبي من قصة إلى أخرى وخجلًا منه لا أقاطعه في متابعة القصة الأولى التي بدأها، أستمع إليه وأنا أشرب الشاي بالنعناع المنعش، متأملة الزمان في تجاعيد وجهه، وعيناه اللتان بلون العسل ويديه الخشنتين.
احتفظ أبي بأناقة جلسته على الأرض إلى الآن.


 (4)
ولد أبي لعائلة مسلمة من مدينة غزة ذات سمعة طيبة، أعلم بالضبط تاريخ ميلاده، فهو في الخامسة والخمسين من العمر. في ذكريات أبي عن طفولته، بيت صغير فرشت أرضه بالحصير، وأطفال يلهون في ظل الأب، أبي شديد الإعجاب بأبيه، ذلك الرجل الذي يتابع الأخبار على الدوام، ويناضل كثيرًا من أجل الحرية، والذي بقي –بحسب أبي- يجمع كبار المخاتير في الحي أسبوعيًا للمشورة في أمور الناس وثورات الشبان الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى يوم وفاته. حيث توفي فجأة في احدى جلساته الأسبوعية مع المخاتير.
تزوج أبي من أمي وهو في سن السابعة والعشرين تقريبًا.



(5)
أسترجع بعض قصصه، التي مازال يقصها عليا كلما سنحت لنا فرصة الجلوس سويًا.
يقول أبي أن قوات الاحتلال الإسرائيلية اعتقلته في شهر يونيو عام 1990، حيث كان قطاع غزة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي آنذاك حتى عام 1994 و قيام دولة فلسطين على مساحة 22% من مساحة فلسطين التاريخية، امتعض أبي على حماسه ذلك اليوم. لاحقه جنديين إسرائيليين بجيبهم العسكري وهو يركض والعرق يتسابق على وجهه، بعد اشعاله الكاز في كوشوك –إطار سيارة- بهدف إعاقة سير الجيبات في المنطقة واعطابها، أمسكوا أبي عندما وصل المنزل، صرخت أمي التي كانت تحملني جنين ستة أشهر في بطنها. اقتادوه إلى المعتقل مع مجموعة من رفاقه الشبان، ومكث عدة أشهر.                                                               
يقول أبي إن كلَ بيت في فلسطين عاش حالة اعتقال من خلال اعتقال أحد أفراد أسرته، بالإضافة إلى حالة منع التجوال التي كانت تفرض على الفلسطينيين لفترة طويلة، تصل في بعض الأحيان إلى شهرين، وهذان الأسلوبان كانا من أهم أساليب العقاب التي مارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
 
                                                  

 (6)
يقول أبي إن الاحتلال يتفنن في سلب الحريات، حيث أن اثنين من إخوانه –أعمامي- هاجروا قصرًا إلى الأردن عام 1950، بعد عامين من نكبة عام 1948 وهو تاريخ المأساة الإنسانية، عندما هاجم الاحتلال الإسرائيلي أحياء وبلدات ومدن فلسطينية بهدف إبادتها و دب الذعر لتسهيل تهجير سكانها لاحقاً، وهذا ما حصل بالفعل.
وقد بلغ التعداد العالمي للفلسطينيين في نهاية عام 2013 ما يقارب 11،8 مليون نسمة، أكثر من نصفهم بقليل يعيش كلاجئ خارج حدود فلسطين التاريخية، أما الجزء الآخر فهم يعيشون داخل حدودها، ولكن ليس بالضرورة في بلداتهم الأصلية، فنسبة كبيرة منهم أيضاً لاجئون.
حالات الطرد والتشريد من الوطن والقمع والملاحقة لازمت حياة الفلسطيني اليومية، ناهيك عن عشرات الآلاف من الاعتقالات ولكن مفهوم الحرية لدى الفلسطينيين ارتبط بشكل خاص بقضية المعتقلين وقضية تقييد الحركة، حتى أضحت "الحرية والأسرى" مصطلحين متماسكين كحبة فستق.

(7)
أقولُ لأبي في أحد الأعياد أنني لا أحب العادة المتوارثة في تقبيل أيدي كبار السن، وغير صحيح فهم الاحترام والتقدير لا يكون  إلا بهما، يضحك بصفاء.
يرد: " حرة يا سمر، المهم تكون معاملتك منيحة مع الناس ويحبوكِ".




(8)
في حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة عام 2008، استشهدت ابنة عم أمي واثنين من أطفالها بصاروخ طائرة حربية إسرائيلية، كانت حامل حديثًا ولم تبلغ الثلاثين بعد.
كلَّمت أمي عمها مرتاعة، " مرحبا عمو، أنا أم حسن".

"مين؟ ما أسمعتك".

كررت بصوتٍ ميت، "أم حسن. نبيلة يا عمو بنت أخوك".

"أه، أهلين يا عمي".

صمتوا كلاهما.

"العمر الك عمو، الله يرحمهم".

انفجرَ عم أمي صارخاً، "هي الحرية تبعتكم يا عمي. هي الحرية يلي بدكم إياها. راحت البنت بأولادها، هي الحرية، ما؟ هي الحرية؟".

صمتَ عمها باكياً متفجّعاً.

ختمَ برقةٍ حادةٍ كنصل السكين، "معلش يا عمي محروق قلبي، ديري بالك على حالك وعلى أولادك يا عمي، ديري بالك على حالكم. الله يحميكم. الله يحميكم كلكم. ديري بالك على حالك من شان الله…".



 (9)
لم يغادر أبي فلسطين أبدًا، أو لم يزر القدس المحتلة حتى، ببساطة لأن الاحتلال الإسرائيلي يشدد اجراءاته للزائرين الفلسطينيين خاصة الشباب في الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكثيرة هي ممارسات الاحتلال في المنع والقمع، مؤخرًا جاء قرار الاحتلال الإسرائيلي بمنع رفع الآذان عبر مكبرات الصوت في الأراضي المحتلة عام 48 بزعم إزعاج اليهود المتطرفين.


(10)
في عيد الفطر، تُزين أمي البيت وتتزين هي، تضع بعض مكياج الحمرة الغامقة. تحتفي أمي بي وبأخواتي وتجهز أطايب الطعام. كنت بلغت (15عامًا)، عندما عاقبتني أمي بسبب تقليديها في وضع أحمر الشفاه على خدودي وشفتي، بدعوى منها أنني بنت لا يجوز وضع هذا اللون إلا حين أتزوج.
كانت تصبغ شعرها أشقر دائماً، وتمنعني من ذلك لنفس سبب منعها من وضع أحمر الشفاه.
أحبَّت أمي العادات والتقاليد ما استطاعت إليها سبيلاً، إلى أن تغير الزمان وحادت عنها بعض الشيء.

(11)
يقول أبي إنهم قديمًا كانوا يتتبعون العروسين حتى باب الغرفة ليلة الدخلة، إلى أن يخرج لهم العريس بشرشف أبيض عليه بقعة بلون وردي غامق، يضحك أبي خجلًا، أنه كيف يقول لي شيء كهذا، وكنت قد بلغت (25 ربيعًا)، ثم يقطع حديثه قائلًا: "كانت زمان في عادات مش حلوة، أكويس تطور العالم وبطلوها" أصمت أنا وأرفع حاجبًا، معبرة له عن عدم فهمي ما يقوله، ولكن في ضميري أضحك بصوت عالي.



(12)
تزوج أبي من أمي "نبيلة".

حزنت أمي عندما تزوجت من أبي، فجدي -من جهة أمي- لم يشاورها في أمر اختيار الزوج ولم يمنحها فرصة اكمال دراستها في المدرسة، قاطعها جدي الحديث عندما رفضت أمي الزواج، قائلًا:" سترة البنت أهم من العلم وغيرو..".

سألتُ أمي ما الذي فعلته حتى تنال حرية اختيار الزوج واكمال دراستها.

قالت أنها في اليوم التالي كانوا يجهزوها لعقد قرانها على أبي قسرًا.

أحست أمي التي كانت تبلغ (14عامًا) آنذاك، شعور طفلة تاهت من أمها في سوق.

سمعت أمي بكاء أمها عليها، ولكن جدتي لم تنبس ببنت شفة خوفًا من جدي.

 (13)
هاجر أعمامي فلسطين دون أن أعرف أحدًا منهم، مؤملةً زيارة قريبة، كنت أخشى أن لا أتعرف على بناتهم في حياتي اللواتي يناظرنني في السن.

عرف كلانا أننا لن نرى بعض إلا بواسطة الإنترنت.

لم أكن أريد أكثر من حرية في الحركة تمكنني رؤية أقاربنا في خارج فلسطين في المناسبات والأعياد، ولكن الاحتلال يحول دون ذلك. بيننا سنوات من الحروب، وكوفية تنام على أكتافي، وابتسامة تدوي جروح مصاب بالحنين.

 (14)
كبرتُ في وطن شاقَ منذ قرابة تسعة وستين عامًا، لم يكن يهرم أبدًا، فكل جيل يُسلّم جيل القضية الفلسطينية، قضية الاضطهاد وسلب الحريات والقمع والتشريد والقتل، كما يقول الشاعر: "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ... والماء فوق ظهورها محمول"، مما جعلها مضرب المثل في الكفاح من أجل الحريات وطرد الاحتلال الذي ينه بالصمود والتضحيات من قبل شعبها، فإن الحرية هي حرية كرامة الإنسان والأرض، حرية الحقوق، حرية الفكر والاستقلال، وليست الحرية هي حرية الخنوع والخضوع، والذل والاستهتار.


(15)
 مثل سعد زغلول ومانديلا، آمن أبي بالحرية.

يأنس أبي بوجود النباتات البلدية في كل مكان في المنزل، على مدخل البيت، على الشبابيك، على الدرج، فوق سطح المنزل، يُحبُّ الريحان والنعناع والزعتر والميرامية، يرويهم كل يوم. يزرعهم في قوالب بلاستيكية كبيرة وواسعة، ويتحدث إليهم نبتة نبتة، يخبرهم بقصصه مع اشتداد اُنسه بهم.
يقول أبي إن النبات كالإنسان يحب النمو بحرية، دون وضع قوالب بعض العادات السيئة حوله، أخبرني أنه حزن جدًا على شكل البطيخ المكعب، ونموه في شكل قالب لربما ضيق عليه، فقط لأن مجموعة مهندسين يابانيين أرادوا أن يكون على ما يريدون.
هنا يصطدم الإنسان الحر بمراحل في حياته، أولًا مع ذاته التي اكتسبت العبودية من الأسرة والمجتمع والأخلاق الخاصة بهم، ومن ثم يصطدم مع العدو الذي يقيد حركته ويحتل بيته بل ويطرده منه عنوة بقوة الرصاص، وهي أكثر مراحل الحياة صعوبة.
في مرحلة الاصطدام يتم اختبار الحرية، وفي كل مواجهة يتم إعادة برمجة الذات والعقل بحيث تتغير قناعات الإنسان طالب بالحرية بشكل مستمر، إلى أن يستقر على قناعة ما في نهاية هذه المرحلة العصيبة، التي تكلفه التضحية بنفسه مقابل حريته التي اختارها وكرامته.

(16)
غادرتُ وأهلي عدا أبي منزلنا الواقع شرق حي الشجاعية قرب الحدود الفاصلة بين غزة وأراضينا المحتلة، في حرب غزة، فجر يوم الأحد 20 يوليو 2014. بعد ذلك كلمت أبي مرارًا على هاتفه النقال، وعندما يجيب، كان صوته يسوء مع الوقت، شيءٌ من الحزن والمرارة يحمله الصوت.
لم يفهم أبي ما الذي يحدث خارج المنزل، بعد تعطل مذياعه صديق عمره، ومع إصراره بعدم الخروج، الجيران يصرخون باستمرار، وسفارات الإسعاف تدوي كل وقت ممزوجة بنحيب الناس؛ فيهم المصاب والشهيد والهارب، تشرَّد أهل الشجاعية وتوزعوا بين حي النصر وحي الرمال والأحياء التي تكاد أن تكون آمنة، ونحن غرب مدينة غزة في منزل جدي -من جهة أمي- أيضاً منا الصامت والحائر والمتعاطف والخائف والغاضب، يخبرنا التلفاز عن مجازر في حي الشجاعية وغيرها في أحياء غزة. بيت الشجاعية شبه خاوٍ، ومن بقي يعادل من أصبح في عداد الشهداء: توزّع أبناؤها وأحفادها في جهات أخف وطأة من زخات الرصاص التي كانت تهطل فيها، وبعضهم لا يكلم البعض الآخر من هول الصدمة، كانت حينها تعيش الشجاعية أيامها الأخيرة مع ذكرياتٍ تختلط بحاضرٍ يبتلع تدريجياً كل آثار الحي الحزين، لتصبح غريبةً كصحراء.

يحدثني أبي أنه في حيرة من أمره؛ فلم يكن للخمسين حولاً الذين عاشهم معنىً يطمئن إليه!


 (17)
في أحد أيام الربيع كنت أجلس على فراش أرضي، أتسامر مع أبي كالعادة في أمور الحياة اليومية؛ يأكل أبي الخضروات طوال اليوم، كانت تُقطع يديه الخشنتين حبات الجزر والخيار وعقله ينصت لي، يسألني عن حالي، أقول إنني كنت أريد أن أشارك في مسابقة عالمية للصورة الفوتوغرافية، يتمتم بالرضا وهو يلوك قطعة جزر، تصفحت موقع المسابقة وبدأت بإدخال بياناتي الشخصية، تعجبت، لا يوجد في بحث مكان الإقامة اسم فلسطين، بحثت مجددًا، لم أجد غير إسرائيل! انتهى الأمر في ألا أشارك في المسابقة.
كانت صدمة لي كفلسطينية، تعيش في أرض غير معترف بشعبها، ومن سلب أرضها معترف به، على الرغم أن اللجوء الأول كان لأجدادي في الـ٤٨، ولانزال منذ ذلك الوقت، نحمل "كروت الأونروا" التي تضمن بياناتنا الثبوتية كلاجئين فلسطينيين ونحن على أرضها ولا نستطيع الوصول إليها.
أدركت حينها وعن قناعة تامة بأن هناك أعداء كثر للحرية الفلسطينية بالذات ليس فقط الاحتلال الاسرائيلي، إنما أيضا أعداء داخليين من نفس العروبة، أما على الصعيد الخارجي فالعدو الأول هم المصفقين للاحتلال الإسرائيلي الذي مارس أبشع وأفظع الجرائم من أجل تركيع الشعب المنادي بالتحرير والحرية حيث قدم العديد من الشهداء والبيوت المدمرة.    
يتأسف أبي لذلك.


(18)
الساعة الثامنة والنصف صباحًا.

عند استيقاظي من النوم ضَبَطتُ أبي متلبّسًا وهي يدفن غصن زيتون في حوض زرع جديد.
قلت زيتون.

ابتسم بفخر وابتسمت بحب.

ابتسمت لأن عيشي وبحثي الدائم عن الحرية يليق بي كامرأة فلسطينية ورثت الصمود أبًا عن جد. فلم أعتد يومًا على الراحة، أو عدم التفكير بما يؤول إليه حالنا في هذه الأرض المسلوبة أبسط حقوقها، فنحن شعب فلسطيني لاجئ داخل وخارج حدود وطنه.
شعرت لبرهة بالدفء وأنا أتخيل أولادي في المستقبل القريب، يرسلون لي صور سيلفي من يافا وبئر السبع والقدس وحيفا، وأنا أردد في رأسي أغنية جوليا بطرس " أنا بتنفس حرية.. ما تقطع عني الهوا"، لم أتمنى يومًا سوى أطفالي جالسون حول جدهم تحت غصن الزيتونة الأخضر، أرى نفسي في الزمن القادم وانتظر.