‎ بسم الله الرحمن الرحيم

أستمتع بتلك الحصيلة التي أحصل عليها في نهاية الفصل الدراسي من تجربة تدريسي، أتعلّم مع طالباتي وأجرّب وأنمو، و في كل فصل دراسي لي قصة مختلفة وشيء خاص أتعلمه، كنت أدرّس هذا الفصل مادة (الثقافة الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة) لطالبات الطب والتمريض، وقد وضعت خطة أرسلتها من بداية الفصل لطالباتي لتكاليف المادة ووزعت ال (٣٠ درجة) على 6 واجبات خلال الفصل الدراسي

حاولت أن أجعل الواجبات منوعة (اختبار قصير/ تجربة تطبيقية في تحسين صحبة القرآن/ لوحة مناقشات / قراءة وتلخيص)

ثم لما وصلنا للوحدة الأخيرة من المنهج (آداب الخلطة والعزلة) كان الدرس يتحدث عن فوائد العزلة ويعرض أقوال العلماء في العزلة والخلطة ويقارن بين فوائدهما.

وكان من فوائد العزلة:

  • تقوية الصلة بالله عزّ وجلّ.
  •  التفرّغ للفكر والاستئناس بمناجاة الله تعالى ولا فراغ مع المخالطة.
  •  الابتعاد عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبًا بالمخالطة ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة.
  • الخلاص من الفتن والخصومات وصيانة الدين والنفس.

أثار الدرس فيّ شهيةً لنطبق معًا تجربة العزلة!



ألا نحتاج لتجربة العزلة؟

والله القلب محتااااج

خاصة مع أحداث العالم من حولنا والحرب على غزة واضطراب القلب المتابع لها ولأخبار العالم الإسلامي، ثم ضجيج الحياة المتزايد حولنا من كل اتجاه.

سألت طالباتي ما رأيكن أن نستبدل الواجب الأخير الذي لم يشرعوا فيه بواجب بديل؟ هو (تجربة ساعتين من العزلة) وقمت بعمل تصويت في مجموعة واتساب، ثمّ تصويت آخر ماكر قليلاً على المدة الزمنية لها لأجبرهم على أن يختاروا أو يشعروا كأنهم اختاروا (أعطيتهم خيارات ساعتين، 3 ساعات، 5 ساعات) وكان الصوت الراجح: ساعتان، وهو الخيار الذي كنت قد قررته قبل مشاورتهم لأن الهدف أن يذوقوا المرّة فيعيدوا بأنفسهم الكرّة.

وضعت لهم المطلوب على البلاكبورد:

تجربة العزلة

تطبيقًا لما تعلمناه في مقرر الثقافة الإسلامية من آداب العزلة والخلطة

سنعيش تجربة العزلة ونطبق آدابها ونستشعر فوائدها

﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾

راجين رحمة الله لنا ولأمتنا وأن يهيئ الله لنا من أمرنا رشدًا

المطلوب:

•       المرحلة الأولى: وضع الخطة

التخطيط للعزلة وبذلك بتحديد الآتي:

-       الزمان (اليوم والساعة): (        )

-       المكان: (        )

-       الأدوات: مصحف، كتيب أدعية، مسبحة، كتاب عن الصلاة، دفتر للمحاسبة وكتابة الخطط. (هذه خيارات وليست خطة ملزمة)

-       البرنامج: تكتب كل واحدة برنامجها وتحدد وقت زمني عدد من الدقائق لكل عنصر: أمثلة للأعمال: حمد وثناء، توبة، صلاة، ذكر، تلاوة قرآن، تفكر مفتوح في النفس في السماء في الطبيعة، إنشاء دفتر شخصي للدعاء يقسم لأقسام بها قوائم أدعية: جوامع الدعاء، دعوات شخصية، استغفار عن 30 ذنب مثلا، حمد لله على 30 نعمة مثلا، لا حول ولا قوة إلا بالله لـ30 أمر مهم في حياتك..

•       المرحلة الثانية: تنفيذ الخطة

          الانعزال في مكان هادئ بدون أجهزة وأشخاص وتنفيذ الخطة.

الزمن المطلوب: ساعتان.

(يستحسن ترك شبكات التواصل لساعة على الأقل قبل البدء لجمع القلب وحفظه من الشتات)

المرحلة الثالثة: كتابة الانطباع عن التجربة

 فيما لا يقل عن سطر ثم رفعه على البلاك بورد.


ثم حان موعد التسليم وهو لحظاتي الماتعة التي تبرق عيني وترتفع ابتسامتي وأنا أقرأ تجاربهن الملهمة

هل أشارككم بعضها؟


كتبت إحداهن:

المكان: بلكونة غرفتي

الأدوات: سجادة، مصحف، كتيب أدعية، مسبحة.

البرنامج: الحمد والثناء (30 دقيقة)، الحوقلة والاستغفار (30 دقيقة) تلاوة القرآن (30 دقيقة) استشعار النعم (30 دقيقة) الدعاء (10 دقائق) .

من أجمل التجارب، شعرت بالسكينة والطمأنينة والراحة الذهنية التي كنت أحتاجها بعد تعب وإرهاق، هذه العزلة جعلتني أتوكل على الله أكثر!


أثير شاركتنا هذه التجربة:

المكان: غرفتي

المدة: ساعتان

الأدوات: سجادة، وشرشف الصلاة، والقرآن، ودفتر وقلم.

الجدول والتنفيذ:

ساعة: لصلاة الوتر وقيام الليل وقراءة القرآن والتسبيح.

ساعة: لكتابة أفكار ي والأمور التي أريد تحسينها في حياتي.

انطباعي عن التجربة:

الحمد لله على التمام لقد كانت تجربة لا مثيل لها، اخترت وقت التجربة من 12-10 مساء لكي أكون انتهيت من كل شيء في يومي وأرتاح بهدوء بعيدًا عن الضوضاء بعد يوم طويل، كانت تجربة رائعة حقًا و حسيت براحة وبصفاوة في الذهن بعيدًا عن التشتت والأجهزة، وبإذن الله سأحاول أن أفعلها كل فترة.



في الحرم.. مخ صافي

في بيت الله الحرام كانت ساعة عزلتها، قضتها في خشوع ثم كتبت: طبعًا التجربة كانت أكثر من رائعة خصوصًا إذا ماكنت ماسكة جوال راحة نفسية بعيدة عن كل شيء يشتتك يخلي مخك صافي وتتقربين لربك أكثر وتستشعرين كل نعمه أعطاك هي ربي صغيرة وكبيرة وبس والله إن شاء الله وصلت إحساسي من هالتجربة.




كأني كنت شهوور متسخة واتنظفت! كأني كنت مكتوومة واتنفست!

لمياء اختارت أن تكون عزلتها أمام أمواج البحر صباح الجمعة والمكان فاضي، عاشت التجربة بقلبها ثم كتبت:

 تجربه أقل ما يقال عنها رائعة ممتعة! حسيت بالحياة كأني كنت عايشه في عالم ثاني! ضوضاء الحياة والأمور الدنيوية أبعدتني عن الأمور الأهم، حسيت بالآيات القرآنيه ومعانيها ، مع العلم أني اقرأ القرآن الكريم لكن كأنه أول مرة اقرأه، اتعلمت أشياء جديدة ومعاني جديدة، التمعن فيه والتعمق فيه أمتع من يوم كامل على الجوال أو التفاز، كأني كنت في مكان ثاني من كثر التعمق اللي كنت فيه والتأمل، التأمل في السماء في البحر في الشجر حتى الشمس والهواء سبحان الخالق العظيم كأنه علاج نفسي ،، بل جسدي تصفيه ذهنية كاملة، عددت ذنوبي واستغفرت ربي وتبت إلى الله من بعض الأمور، وحمدته على النعم على قد ما اقدر مع أنها لاتعد ولا تحصى لكن فعلًا حسيت بقيمتها لمن عديتها، قد ايش ربي معطينا أشياء كثيييرة ورغم كل هذا أحيان ما يعجبنا أو نتمنمن! فعليًا الحمدلله على جميييع النعم، استغفرت وحوقلت وسبّحت بدون ما أعد ، دعيت لنفسي ولأهلي أخواتي وأخوي وأمي وأبوي وكل الناس اللي أحبها دعيت لهم شخص شخص وكل واحد ايش يحتاج وايش يتمنى، وأكيد ما نسيت إخواننا المسلمين في فلسطين، دعيت بأن الله يجبر قلوب اللي فقدو أعزالناس عليهم ويطمن قلوب الاطفال من الفجايع ويقويهم وينصرهم على الظالمين يارب 

 أنا حقيقي ما أعرف ايش أقول عنها كتجربة! يعني فينني عنها من زمان!

 ليش ما جربتها؟ راحة وصفاء ذهن أحس كأني كنت شهوور متسخة واتنظفت! كأنه كنت مكتوومه واتنفست! أحس أني رحت شخص ورجعت شخص ثاااني تمامًا! 

شخص أفضل، شخص أحسن، صار عندي أهداف ووعي أكثر، وسعت مداركي صرت حذره أكثر ببتعد عن المعاصي واتقرب مما يرضي الله ، والله يجزينا واياكم الاجر.



 

عدة قرارات

اختارت لين غرفة هادئة من منزلهم، واختفت عن أعين من حولها، ثم كتبت:

في الواقع لم أعتقد أن الأثر الذي ستتركه هذه التجربة كبير إلى هذا الحد فقد صادف اختياري لوقت العزلة يوم ثقيل و متعب مليء بالقلق قررت في هذه الساعتين ان اقرأ كتاب الله و أصلي الوتر و أدعي فيه بجوامع الدعاء، والدعاء بالتيسير والتوفيق من الله في فترة الاختبارات و خرجت منها بعدة قرارات من ضمنها: المحافظة على السنن الرواتب صلة الرحم أقضي وقت أكثر مع والدي لتقصيري معهما وانتهت الساعتين في لمح البصر بدون ما أحس والحمد لله على التمام و بإذن الله ليست آخر تجربة لي مع العزلة.




سأجعل العزلة عادة في حياتي

غرفة نومي:

أشكر الله على نعمة الوعي والراحة التي شعرت بها بعد اتخاذ هذا القرار، فقد أدركت أن ربي معي في كل الأوقات والأزمان، وأنني اقتربت منه وأصبحت أدعوه وأتدبر عظمته وكرمه علي. تدبر آيات سورة البقرة أوصلتني حقاً لفهم عظمة الله وأدركت أن هذه الحياة الدنيا لها نهاية، وأن الأهم هو العمل من أجل الآخرة وعدم الانجذاب لمغريات الدنيا التي لا ترضي الله أو تغضبه. سأجعل العزلة وذكر الله عادة في حياتي، بإذن الله.

أشعر بفرح وسكينة عميقة بعد هاذي التجربة!




و شعرت براحةٍ بحجم الكون في قلبي

قالت رؤيا: بدايةً أقول ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ )  ، الحمد لله على تيسير هذه التجربة الرائعة ، أنارت داخلي وجددت نيتي وزادت من يقيني وإيماني ، رتبت شتات أمري ، أنزلت السكينة والطمأنينة على قلبٍ كان تائه يخوض صراعات الحياة ، في هذه العزلة بيني وبين خالقي ورازقي تضرعت وتذللت لله ظللت أبحث في عتمة الأيام عن نور طمأنينته ، فـ الانعزال عن الدنيا و متاعها والخلوةُ مع الله سبحانه وتعالى خيرٌ وأبقى فهي لذة لا يعرفها إلا من عمل بها ، و دعوته كثيرًا لأنه سميع قريب مجيب الدعوات و شعرت براحةٍ يحجم الكون في قلبي و أدركت بأن الله معنا يسمعُ ويرى وهو أرحم بنا منا...

 اسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا وأن يعيننا على طاعته 


وكأنني ذهب العمرة في بيت الله الحرام

جود جلست في مصلاها الخاص في غرفتها، مكثت في عزلتها وكررت التجربة، ثم كتبت: تجربة رائعة جدًا تبعث الطمأنينة للروح وكأنني ذهبت العمرة في بيت الله الحرام ، وكما قيل وسيقال على الدوام الاعتكاف عن الدنيا وما فيها والجلوس في لقاء مع الواحد الأحد لذة لا يعرفها إلّا من عرفها واعتادها، السعادة تغمرني تجربة أعيدها لمرتي الثالثة ، أتعلم فيها أن لا حاجة ستفوتني وأنا بين يدي قاضي الحاجات وأن الابتعاد عن ضجيج الدنيا والاختلاء في لقاء مع الله لهي الراحة والسكينة .



رافقتني جدتي

المكان: غرفتي، ورافقتني جدتي في هذه التجربة، حيث أننا سبّحنا وحمّدنا الله على أصغر النعم وأكبرها، شعرنا بالهدوء والسكينة والراحة النفسية وصلّينا الضحى، لأكون صادقة بعد أن أنهيت التجربة بكيت قليلًا، شعرت بطمأنينة قوية تمنيتها لا تنتهي، وكأنني تجردت من كل شي وأدركت أشياء كثيره بهذه التجربة، أما بالنسبة لجدتي فهي تدعي لك يا دكتورة، وقررنا الاستمرار بهذه التجربة أسبوعيًا بإذن الله.



وكأنني ولدت من جديد

على شاطئ البحر أمام أمواجه وبين نسماته، دقائق طويلة من الصمت والتأمل والذكر وقراءة القرآن، ثم صلاة الوتر لمدة 25 دقيقة أمام البحر!  ثم كتبت: شعرت براحة فظيعة! وكأنني ولدت من جديد، بعيدة عن كل مشاغل الدنيا وهمومها، شعرت بالراحة والاطمئنان، رجعت البيت وأنا كلي طاقة للمذاكرة والإنجاز وطاقة للحياة، وضعت لي خطة جديدة في استخدام برامج التواصل الاجتماعي، الحمدلله على هذه التجربة الأكثر من رائعة.




عزلة للدعاء للمسلمين

بدأت التجربة بالحمد والثناء لله بقول اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير استشعرت بهذا القول عظمة الله وقدرته والراحة لأن جميع أمور الدنيا بيد الله العادل وأنه قادر على رفع الباء ونصرة المسلمين فاطمأن قلبي على حالي وحال جميع ...ثم أنهيت الساعتان بالدعاء للمسلمين حول العالم بأن يرزقهم الله الصبر و الرضى ويرزقهم جميع النعم وان يجازيهم خير الجزاء وان يديم الله علينا النعم والفضل وان يبارك لنا بعملنا و علمنا فعلا التجربة كانت جميلة شعرت براحة بال و طمأنينة بالقلب وسعادة فعلية نابعة عن الرضى بالحال اسأل الله ان يديم الهداية والصلاح لي والجميع المسلمين.



ليست تجربة وإنما روتين 

بالنسبة لي هذه ليست تجربة وإنما روتين أكرره دائمًا والحمدلله، لا أحب ولا أستخدم برامج التواصل الاجتماعي، وأحب قضاء الوقت فيما يعود علي بالنفع في مستقبلي، تجربة جميلة مليئة بانشراح الصدر.


كتبت إحداهن: 

بعد التفكير والتأمل وضعت بعض القرارات، من ضمنها:

  • قراءة القرآن بشكل يومي.
  • الاستغفار بعد كل صلاة 100 مرة.
  • حسن الظن بالله.
  • تكرار التجربة كل أسبوع.


هذه بعض تجارب طالباتي بارك الله فيهن، نسأل الله أن يتقبلها ويجعلها فاتحة لسلسة من العبادات والقربات

وأعتقد أن من العناصر المؤثرة في تميز التجربة هو وضع الخطة المسبقة  لتلك العزلة وتسجيلها في ورقة قبل البدء ثم الانطلاق على ضوئها


ما جربته أنا وطالباتي يجعلنا نؤمن أكثر بحاجة كلّ منّا إلى  أن يمنح نفسه تلك العزلة الفاخرة التي ترتب داخله وتعيد توازنه وتقربه إلى ربه وإلى العمل لآخرته.


*من يتساءل كيف أقيّم الطالبات على واجب من هذا النوع وقد يدخل فيه الغش فجوابي هو أن الواجب يعزز الجانب الروحي من المقرر ثم أنه ليس هناك واجب يستحيل فيه الغش ، ولعل صدق الكلمات هنا يؤكد صدق التجربة.

وهنا تجربة في تحسين صحبة القرآن