وكما أن متعة الحديث عن لذة قطعة الشوكولاتة أو التأمل لغلافها وتقليبها بين اليدين كل فترة لا يساوي شيئًا أمام متعة تذوقها
وتناولها حقيقة
ولا مجال للمقارنة
كذلك العلاقة بالقرآن.. أن تستمع لمحاضرة عن فضل القرآن وعظمته، أو أن تتصفحه كل فترة شيء
وأن تُداوم على قراءته كل يوم معايشًا تلك العظمة من خلال تلاوته والجلوس تحت شلال آياته شيء آخر تماما لا يمكن وصفه!!
كنت دائمًا ما أتمنى أن أستثمر تدريسي لمادة الثقافة الإسلامية بأن أنجح ولو مرة في ربط الطالبة بالقرآن
ولو تحققت لي هذه الأمنية ونجحت مع طالبة واحدة فقط من ألفِ طالبة لعددت ذلك فتحًا عظيمًا وكرمًا إلهيًا كبيرًا
ما فائدة مادة الثقافة الإسلامية وما مخرجاتها المرجوة إن لم يكن القرآن ؟
بدت الخيارات أمامي ضيقة..
إما أن أقول للطالبات أن نشاط المادة هو حفظ سورة كذا وهو إجباري
وإما أن أجعله اختياريًا!
في كلتا الحالين – إن افترضت خيالًا أني استطعت التغلب على معضلة تسميع السورة بنفسي للجميع –
يبقى عندي تساؤل..
ما المعيار الثابت للتقييم؟
إن جاءت الطالبة وسردت لي سورة الملك مثلاً!
هل كانت تحفظها مسبقًا؟ إن كان الجواب نعم فالنشاط لم يضف شيئًا للطالبة!
لم يترك أثرًا كالذي أطمح!
إن كان الجواب لا.. فلعلّها بذلت جهدًا كبيرًا في حفظها وتصحيح الكلمات ثم لمّا جلست أمامي وأخطأت حاسبتها على خطئها ولم أحاسبها على جهدها!
هل كان هذا هو هدفي من النشاط؟
نعم الحفظ مهم لكن تأتي قبله التلاوة والفهم
خطرتْ لي فكرة، ترددتُ بدايةً فيها؛ لذلك جعلتها جزء من النشاط بدرجتين فقط من أصل عشرة درجات، كما أني جعلتها اختيارية فوضعت نشاطًا آخر كبديل.
الفكرة سميتها:
( تحسين صحبة القرآن )
لم أشأ أن أُقحم نفسي في العلاقة بين الطالبة وربها!
لكني في نفس الوقت أردت أن تتذوق تجربة العيش مع القرآن ولو بشكل اضطراري كنشاط مادة
أخبرت الطالبات أن المطلوب هو أن تسير الطالبة على جدول تحسين صحبة القرآن – المرفوع لهن على blackboard لمدة عشرة أيام متواصلة.
طلبت من الطالبات:
أن تسجل كل واحدة قبل بدء التجربة ما نوع علاقتها الحالية بالقرآن؟ قراءة يومية، أسبوعية، شهرية أو سنوية؟ (ويمكن أن لا تصرّح لي )
أن تحدد هدفًا صغيرًا في تحسين صُحبتها للقرآن بأن ترتقي درجة في طريق علاقتها بالقرآن (التلاوة تحديدًا لأني أريد أن تعبر الآيات على القلوب)
فمثلا الطالبة التي كانت تقرأ كل يوم صفحة فلتجعلها صفحتين، والتي كانت تقرأ جزءًا فلتجعله جزئين، والتي كانت تقرأ سورة الكهف فقط فلتحدد انطلاقة جديدة ليكون لها وِردها اليومي وإن كان نصف صفحة فقط.
• أن تضع بشكل يومي إشارة صح أو إتمام في الجدول، وتستمر على ذلك ١٠ أيام متصلة فقط.
و أخيرًا أن تسجل انطباعها عن التجربة وتعيد إرسال الجدول معبئًا إلي على (blackboard)