ليست ككل الليالي هذه الليله .. نعم أخذتُ فيها نفسي لـ/ نفسي على غير العاده أيضاً .. فلا الأحوال هي دوماً كما هي ولا الظروف ملائمه لغير هذا .. !

رحلتُ مع نفسي أُحادثُ سريرتها .. سافرتُ بها من أراضيها إلى أراضٍ مجهوله لاتلبث أن تنكشف .. بالفعل بعد رحلة بلمح البصر وسرعة الضوء .. وصلت .. !

وصلتُ بنفسي إلى تلك الأرض المهجوره .. إلى "المسرح الروماني " الذي طالما كتبت عنه وعن مسرحيات أيامي فيه .. فهذا المسرح الموغل في تاريخ البشريه كان يعمره أُناس وثقافه وضجيج آداب غابره .. واليوم أنا أعمره يوماً وأهجره دهرا .. بما تجود به بُنياتِ أفكاري الرضيعه .. !

لكني حينما وصلت وجدت أن غبار الأيام أوسع مدرجاته حضناً .. وهتكت الأرض بعذرية تماسك جدرانه .. وأصبحت الأشباح تسكُن كُل ركُن فيه .. ولكن لا يهُم .. لا يهُم .. !

عانقتني نفسي خوفاً وعانقتها هرعاً .. مضينا ننفُض غبار الأزمنه من على خشبة المسرح .. ونُعلق ستارة العرض ونُصلح أدوات الشخوص : "كرسي الملك .. ورمح القائد .. وريشة الوزير .. ومشنقة الجاني .. وهتافات الشعب " .. !

إستدعيتُ قدماي وذهبتُ إلى مدرجٍ غير بعيد .. جلستُ كالقائد المنتصر المظفر بعد أن أهلك جُنده وإنتصر هوّٓ .. أشعلتُ سيجارتي الكوبيه الغضه بمشعل قطران .. وأردفت قدمي بالأُخرى وصفقت ثلاثاً تتلو ثلاث .. !

وبدأ العرض .. !

أنا من بدأ والحوار بيني / وبيني .. فنفسي كانت الجانيه .. والمجني عليها حياتي .. والقاضي عقلي .. الجلاد ضميري .. والملك مبدأي .. والوزير فِكري .. والشعبُ شعبي .. والمشنقةُ ظرفي .. ورمح القائد في خاصرتي .. !

فلا الملكُ راضٍ ولا الشعبُ ساخط .. ولا القاضي قضا .. ولا الرمح هوا .. ولا العدلُ سما .. ولا الظلم تبدد .. ولكن الكُل أدى دوره كما لا ينبغي .. !

إنتهى العرض والفكره لبست أزهى حُله وجاءت تتباهى بتمايل يطوق وجنتيها الخجل كالعذراءِ في خدرها .. !

تمتمت بكلماتٍ لا أفهمها .. وقمتُ أصفق بكسلٍ ممل وأعض سيجارتي تعجباً .. إنحنت الشُخوص لي تحية .. ثم أسدلتُ الستار .. !

خاتمه :

لا ليلتي مُغنيه .. ولا أفكاري مُغريه .. ولكني أشبعتُ كلماتي الغانيه ..وحسبي هذا .. !